كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

أو رفع على أنه مبتدأ ما بعده خبره مقدر أي لكن من آمن وعمل صالحا فإيمانه وعمله يقربانه
وأستظهر أبو حيان الإنقطاع وقال في البحرتان الزجاج ذهب إلى بدليته من المفعول المذكور وغلطه النحاس بأن ضمير المخاطب لا يجوز الإبدال منه فلا يقال رأيتك زيدا ومذاهب الأخفش والكوفيين أنه يجوز أن يبدل من ضميري المخاطب والمتكلم لكن البدل في الآية لا يصح ألا ترى أنه لا يصبح تفريغ الفعل الواقع صلة لما بعد إلا فلو قلت مازيد بالذي يضرب إلا خالدا لم يصح
وذكر بعض الأجلة أن جعله إستثناء من المفعول لا يصح على جعل التي كناية عن التقوى لأنه يلزم أن تكون الأموال والأولاد تقوى في حق غير من آمن وعمل صالحا لكنها غير مقربة وقيل لا بأس بذلك إذ يصح أن يقال وما أموالكم ولا أولادكم بتقوى إلا المؤمنين وحاصله أن المال والولد لا يكونان تقوى ومقربين لأحد إلا للمؤمنين وإذا كان الإستثناء منقطعا صح وأتضح ذلك وجوز أن يكون إستثناء من أموالكم وأولادكم على حذف مضاف أي إلا أموال من آمن وعمل صالحا وأولادهم وفي هذا إذا جعل التي كناية عن التقوى مبالغة من حيث أنه جعل مال المؤمن الصالح وولده نفس التقوى ثم أن تقريب الأموال المؤمن الصالح بإنفاقها فيما يرضى الله تعالى وتقريب الأولاد بتعليمهم الخير وتفقيههم في الدين وترشيحهم للصلاح والطاعة
فأولئك إشارة إلى من والجمع بإعتبار معناها كما أن الإفراد فيما تقدم بإعتبار لفظها وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو رتبتهم وبعد منزلتهم في الفضل أي فأولئك المنعوتون بالإيمان والعمل الصالح لهم جزاى الضعف أي لهم أن يجازيهم الله تعالى الضعف أي الثواب المضاعف فيجازيهم على الحسنة بعشر أمثالها أو بأكثر إلى سبعمائة فإضافة جزاء إلى الضعف من إضافة المصدر إلى مفعوله وقرأ قتادة جزاء الضعف برفعهما فالضعف بدل وجوز الزجاج كونه خبر مبتدأ محذوف أي هو الضعف ويعقوب في رواية بنصب جزاء ورفع الضعف فجزاء تمييز أو حال من فاعل لهم إن كان الضعف مبتدأ أو منه إن كان فاعلا أو نصب على المصدر لفعله الذي دل عليه لهم أي يجزون جزاء وقريء جزاء بالرفع والتنوين الضعف بالنصب على أعمال المصدر بما علموا من الصالحات وهم في الغرفات أي في غرفات الجنة ومنازلها العالية آمنون 73 من جميع المكاره الدنيوية والأخروية وقرأ الحسن وعاصم بخلاف عنه والأعمش ومحمد إبن كعب في الغرفات بإسكان الراء وقرأ بعض القراء بفتحها وإبن وثاب والأعمش وطلحة وحمزة وخلف في الغرفة بالتوحيد وإسكان الراء وإبن وثاب أيضا بالتوحيد وضم الراء والتوحيد على إرادة الجنس لأن الكل ليسوا في غرفة واحدة والمفرد أخصر مع عدم اللبس فيه والذين يسعون في آياتنا بالرد والطعن فيها معاجزين أي بحسب زعمهم الباطل الله عزوجل أو الأنبياء عليهم السلام وحاصله زاعمين سبقهم وعدم قدرة الله تعالى أو أنبيائه عليهم السلام عليهم ومعنى المفاعلة غير مقصود ههنا أولئك الذي بعدت منزلتهم في الشر في العذاب محضرون 83 لا يجديهم ما ولوا عليه نفعا وفي ذكر العذاب دون موضعه ما لا يخفى من المبالغة قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له أي يوسعه سبحانه عليه تارة ويضيقه عليه أخرى فلا تخشوا الفقر وأنفقوا في سبيل الله تعالى وتقربوا لديه عزوجل بأموالكم

الصفحة 149