كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

اللهم هؤلاء أهل بيتي ودعائه لهم وعدم إدخال أم سلمة أكثر من أن تحصى وهي مخصصة لعموم أهل البيت بأي معنى كان البيت فالمراد بهم من شملهم الكساء ولا يدخل فيهم أزواجه وقد صرح بعدم دخولهن من الشيعة عبدالله المشهدي وقال المراد من البيت بيت النبوة ولا شك أن أهل البيت لغة شامل للأزواج بل للخدام من الإماء اللائي يسكن في البيت أيضا : وليس المراد هذا المعنى اللغوي بهذه السعة بالإتفاق فالمراد به آل العباء الذين خصصهم حديث الكساء وقال أيضا : إن كون البيوت جمعا في بيوتكن وأفراد البيت في أهل البيت يدل على أن بيوتهن غير بيت النبي وفيه ما ستعلمه إن شاء الله تعالى وقيل المراد بالبيت بيت السكنى وبيت النسب وأهل ذلك أهل كل من البيتين وقد سمعت ما قيل فيه وفيه الجمع بين الحقيقة والمجاز
وقال بعض المحققين : المراد بالبيت بيت السكنى وأهله على ما يقتضيه سياق الآية وسباقها والأخبار التي لا تحصى كثرة ويشهد له العرف من له مزيد إختصاص به إما بالسكنى فيه مع القيام بمصالحه وتدبير شأنه والإهتمام بأمره وعدم كون الساكن في معرض التبدل والتحول بكم العادة الجارية من بيع وهبة كالأزواج أو بالسكنى فيه كذلك بدون ملاحظة القيام بالمصالح كالأولاد أو بقرابة من صاحبه تقضي بحسب العادة بالتردد إليه والجلوس فيه من غير طلب من صاحبه لذلك أو بعدم المنع من ذلك فالأولاد الذين لا يسكنونه وكأولادهم وإن نزلوا وكالأعمام وعلى هذا يحصل الجمع بين الأخبار وقد سمعت بعضها كحديث الكساء ولا دلالة فيه على الحصر وكالحديث الحسن أنه أشتمل على العباس وبنيه بملاءة ثم قال : يارب هذا عمي وصنو أبي وهؤلاء أهل بيتي فأسترهم من النار كستري إياهم بملاءتي هذه فأمنت أسكفة الباب وحوائط البيت فقالت آمين ثلاثا
وجاء في بعض الروايات أنه عليه الصلاة و السلام ضم إلى أهل الكساء على وفاطمة والحسنين رضي الله تعالى عنهم بقية بناته وأقاربه وأزواجه وصح عن أم سلمة في بعض آخر أنها قالت فقلت يارسول الله أما أنا من أهل البيت فقال : بلى إن شاء الله تعالى وفي بعض آخر أيضا أنها قالت له ألست من أهلك قال : بلى وأنه عليه الصلاة و السلام أدخلها الكساء بعد ما قضى دعاءه لهم وقد تكرر كما أشار إليه المحب الطبري منه الجمع وقول هؤلاء أهل بيتي والدعاء في بيت أم سلمة وبيت فاطمة رضي الله تعالى عنهما وغيرهما وبه جمع بين إختلاف الروايات في هيئة الإجتماع وما جلل به المجتمعين وما دعا به لهم وما أجاب به أم س لمة وعدم إدخالها في بعض المرات تحت الكساء ليس لأنها ليست من أهل البيت أصلا بل لظهور أنها منهم حيث كانت من الأزواج اللاتي يقتضي سياق الآية وسباقها دخولهن فيهم بخلاف من أدخلوا تحته رضي الله تعالى عنهم فإنه عليه الصلاة و السلام لو لم يدخلهم ويقل ما قال لتوهم عدم دخولهم في الآية لعدم إقتضاء سياقها ذلك وذكر إبن حجر على تقدير صحة بعض الروايات المختلفة الحمل على أن النزول كان مرتين وقد أدخل بعض من لم يكن بينه وبينه قرابة سببية ولا نسبية في أهل البيت توسعا وتشبيها كسلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه حيث قال عليه الصلاة و السلام سلمان منا أهل البيت وجاء في رواية صحيحة أن واثلة قال : وأنا من أهلك يارسول الله فقال : عليه الصلاة و السلام وأنت من أهلي فكان واثلة يقول : إنها لمن أرجى ما أرجو والخبر الدال بظاهره على أن المراد بالبيت البيت النسبي أعني خبر الحكيم الترمذي ومن معه عن إبن عباس يجوز حمل البيت فيه على بيت المدر والحيوان ينقسم إلى رومي وزنجي مثلا كما ينقسم الإنسان إليهما على أن في رواته من وثقه إبن معين وضعفه غيره والجرح مقدم

الصفحة 15