كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

تحته مع جلالة محله وسداد طريقته كان غيره أولى به وقال الإمام : اي إن ضلال نفسي كضلالكم لأنه صادر من نفسي ووباله عليها وأما أهتدائي فليس كإهتدائكم بالنظر والإستدلال وإنما هو بالوحي المنير فيكون مجموع الحكمين عنده مختصا به عليه الصلاة و السلام وفيما ذكره دلالة على ما قال الطيبي على أن دليل النقل أعلى وأفخم من دليل العقل وفيه بحث وقرأ الحسن وإبن وثاب وعبدالرحمن المقري ضللت بكسر اللام و أضل بفتح الضاد وهي لغة تميم وكسر عبدالرحمن همزة أضل وقريء ربي بفتح الياء إنه سميع قريب 05 فلا يخفى عليه سبحانه قول كل من المهتدي والضال وفعله وإن بالغ في إخفائهما فيجازي كلا بما يليق
ولو ترى إذ فزعوا أي إعتراهم إنقباض ونفار من الأمر المهول المخيف والخطاب في ترى للنبي أو لكل من تصح منه الرؤية و مفعول ترى محذوف أي الكفار أو فزعهم أو هو إذ على التجوز إذ المراد برؤية الزمان رؤية ما فيه أو هو متروك لتنزيل الفعل منزلة اللازم أي لو تقع منك رؤية وجواب لو محذوف أي لرأيت أمرا هائلا وهذا الفزع على ما أخرج إبن أبي حاتم عن مجاهد يوم القيامة والظاهر عليه أنه فزع البعث وهو مروى عن الحسن وأخرج إبن المنذر وغيره عن قتادة أنه في الدنيا عند الموت حين عاينوا الملائكة عليهم السلام وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك أنه يوم بدر فقيل هو فزع الحرب وعن السدي وإبن زيد فزع ضرب أعناقهم ومعاينة العذاب وقيل في آخر الزمان حين يظهر المهدي ويبعث إلى السفياني جندا فيهزمهم ثم يسير السفياني إليه حتى إذا كان ببيداء من الأرض خسف به وبمن معه فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم فالفزع فزع ما يصيبهم يومئذ فلا فوت فلا يفوتون الله عزوجل بهرب أو نحوه عما يريد سبحانه بهم وأخذوا من مكان قريب 15 من الموقف إلى النار أو من ظهر الأرض إلى بطنها أو من صحراء بدر إلى القليب أو من تحت أقدامهم إذا خسف بهم والمراد بذكر قرب المكان سرعة نزول العذاب بهم والإستهانة بهم وبهلاكهم وإلا فلا قرب ولا بعد بالنسبة إلى الله عزوجل والجملة عطف على فزعوا على ما ذهب إليه جماعة قال في الكشف : وكأن فائدة التأخير أن يقدر فلا فوت ثانيا إما تأكيدا وأما أن أحدهما غير الآخر تنبيها على أن عدم الفوت سبب للأخذ وأن الأخذ سبب لتحققه وجودا وفيه مبالغة حسنة وقيل على لا فوت على معنى فلم يفوتوا وأخذوا وأختاره إبن جني معترضا على ما تقدم بأنه لا يراد ولو ترى وقت فزعهم وأخذهم وإنما المراد ولو ترى إذ فزعوا ولم يفوتوا وأخذوا وبما نقل عن الكشف يتحصل الجواب عنه
وجوز كونها حالا من فاعل فزعوا أو من خبر لا المقدر وهو لهم بتقدير قد أو بدونه والفاء في فلا فوت قيل إن كانت سببيلا فهي داخلة على المسبب لأن عدم فوتهم من فزعهم وتحيرهم وإن كانت تعليلية فهي تدخل على السبب لترتب ذكره على ذكر المسبب وإذا عطف أخذوا عليه أو جعل حالا من الخبر يكون هو المقصود بالتفريع وقرأ عبدالرحمن مولى بني هاشم عن أبيه وطلحة فلا فوت وأخذ مصدرين منونين
وقرأ أبي فلا فوت مبنيا وأخذ مصدرا منونا وإذا رفع أخذ كان خبر مبتدأ محذوف أي وحالهم أخذ أو مبتدأ خبره محذوف أي وهناك أخذ وإلى ذلك ذهب أبو حيان وقال الزمخشري : قريء وأخذ بالرفع على أنه معطوف على محل لا فوت ومعناه فلا فوت هناك وهناك أخذ وقالوا آمنا به أي بالله عزوجل على ما أخرجه جمع

الصفحة 157