كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

القرطبي أنهم من حرمت عليهم الزكاة وفي كون الأزواج المطهرات كذلك خلاف قال إبن حجر : والقول بتحريم الزكاة عليهن ضعيف وإن حكى إبن عبدالبر الإجماع عليه فتأمل ولا يرد على حمل أهل البيت في الآية على المعنى الأعم ما أخرج إبن جرير وإبن أبي حاتم والطبراني عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نزلت هذه الآية في خمسة في وفي علي وفاطمة وحسن وحسين إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا إذ لا دليل فيه على الحصر والعدد لا مفهوم له ولعل الإقتصار على من ذكر صلوات الله تعالى وسلامه عليهم لأنهم أفضل من دخل في العموم وهذا على تقدير صحة الحديث والذي يغلب على ظني أنه غير صحيح إذ لم أعهد نحو هذا في الآيات منه صلى الله تعالى عليه وسلم في شيء من الأحاديث الصحيحة التي وقفت عليها في أسباب النزول وبتفسير أهل البيت بمن له مزيد إختصاص به على الوجه الذي سمعت يندفع ما ذكره المشهدي من شموله للخدام والإماء والعبيد الذين يسكنون البيت فإنهم في معرض التبدل والتحول بإنتقالهم من ملك إلى ملك بنحو الهبة والبيع وليس لهم قيام بمصالحه وإهتمام بأمره وتدبير لشأنه إلا حيث يؤمرون بذلك ونظمهم في سلك الأزواج ودعوى أن نسبة الجميع إلى البيت على حد واحد مما لا يرتضيه منصف ولا يقول به إلا متسعف
وقال بعض المتأخرين : إن دخولهم في العموم مما لا بأس به عند أهل السنة لأن الآية عندهم لا تدل على العصمة ولا حجر على رحمة الله عزوجل ولأجل عين ألف عين تكرم وأما أمر الجمع والأفراد فقد سمعت ما يتعلق به والظاهر على هذا القول أن التعبير بضمير جمع المذكر في عنكم للتغليب وذكر أن في عنكم عليه تغليبين أحدهما تغليب المذكر على المؤنث وثانيهما تغليب المخاطب على الغائب إذ غير الأزواج المطهرات من أهل البيت لم يجر لهم ذكر فيما قبل ولم يخاطبوا بأمر أو نهي أو غيرهما فيه وأمر التعليل عليه ظاهر وإن لم يكن كظهوره على القول بأن المراد بأهل البيت الأزواج المطهرات فقط
وأعتذر المشهدي عن وقوع جملة إنما يريد الله إلخ في البين بأن مثله واقع في القرآن الكريم فقد قال تعالى شأنه : قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل ثم قال سبحانه بعد تمام الآية : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فعطف أقيموا على أطيعوا مع وقوع الفصل الكثير بينهما وفيه أنه وقع بعد أقيموا الصلاة إلخ وأطيعوا الرسول فلو كان العطف على ما ذكر لزم عطف أطيعوا على أطيعوا وهو كما ترى
سلمنا أن لا فساد في ذلك إلا أن مثل هذا الفصل ليس في محل النزاع فإنه فصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالأجنبي من حيث الإعراب وهو لا ينافي البلاغة وما نحن فيه على ما ذهبوا إليه فصل بأجنبي بإعتبار موارد الآيات اللاحقة والسابقة وإنكار منافاته للبلاغة القرآنية مكابرة لا تخفى ومما يضحك منه الصبيان أنه قال بعد : إن بين الآيات مغايرة إنشائية وخبرية لأن آية التطهير جملة ندائية وخبرية وما قبلها وما بعدها من الأمر والنهي جمل إنشائية وعطف الإنشائية على الخبرية لا يجوز ولعمري أنه أشبه كلام من حيث الغلط بقول بعض عوام الأعجام : خسن وخسين دختران مغاوية ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ثم إن الشيعة أستدلوا بالآية بعد قولهم : بتخصيص أهل البيت فيها بمن سمعت وجعل ليذهب مفعولا به ليريد

الصفحة 17