كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

ونبات الأجساد من عجب الذنب على ما ورد في الآثار وقد جاء أنه لا يبلى وهو العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز وقال أبو زيد الوقواقي : هو جوهر فرد يبقى من هذه النشأة لا يتغير ولا حاجة إلى إلتزام أنه جوهر فرد ووراء ذلك أقوال عجيبة في هذا العجب فقيل هو العقل الهيولاني وقيل بل الهيولي وعن الغزالي إنما هو النفس وعليها تنشأ الآخرة وعن الشيخ الأكبر أنه العين الثابت من الإنسان وعن بعض المتكلمين أنه الأجزاء الأصلية وقال الملأ صدرا الشيرازي في أسفاره : هو عندنا القوة الخيالية لأنه آخر الأكوان الحاصلة في الإنسان من القوى الطبيعية والحيوانية والنباتية المتعاقبة في الحدوث للمادة الإنسانية في هذا العالم وهي أول الأكوان الحاصلة في النشأة الآخرة ثم بين ذلك بما بين وأنه لأضعف من بيت العنكبوت وأوهن والمعول عليه ما يوافق فهم أهل اللسان وأي حاجة إلى التأويل بعد التصديق بقدرة الملك الديان جل شأنه وعظم سلطانه
من كان يريد العزة الشرف والمنعة من قولهم أرض عزاز أي صلبة وتعريفها للجنس والآية في الكافرين كانوا يتعززون بالأصنام كما قال تعالى : وأتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا والذين آمنوا بألسنتهم من غير مواطاة قلوبهم كانوا يتعززون بالمشركين كما قال سبحانه : الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة ومن أسم شرط وما بعده فعل الشرط والجمع بين كان ويريد للدلالة على دوام الإرادة وإستمرارها وقوله تعالى : فلله العزة جميعا دليل الجواب ولا يصح جعله جوابا من حيث الصناعة لخلوه عن ضمير يعود على من وقد قالوا : لا بد أن يكون في جملة الجواب ضمير يعود على أسم الشرط إذا لم يكن ظرفا والتقدير من كان يريد العزة فليطلبها من الله تعالى فلله وحده لا لغيره العزة فهو سبحانه يتصرف فيها كما يريد فوضع السبب موضع المسبب لأن الطلب ممن هي له وفي ملكه جميعها مسبب عنه وتعريف العزة للإستغراق بقرينة جميعا وإنتصابه على الحال والمراد عزة الدنيا والآخرة وتقديم الخبر على المبتدأ للإختصاص كما أشرنا إليه
ولا ينافي ذلك قوله تعالى ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين لأن ما لله تعالى وحده العزة بالذات وما للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم العزة بواسطة قربه من الله تعالى وما للمؤمنين العزة بواسطة الرسول عليه الصلاة و السلام وكأنه للإشارة إلى ذلك أعيد الجار وقدر بعضهم الجواب فليطع الله تعالى وأيد بما رواه أنس كما في مجمع البيان عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال إن ربكم يقول كل يوم أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز ومن قدر فليطلبها من الله تعالى قال : إن الطلب منه تعالى إنما يكون بالطاعة والإنقياد وعن الفراء المعنى من كان يريد علم العزة أي القدرة على القهر لمن هي فلينسبها إلى الله تعالى فهي له تعالى وحده وقيل : المعنى من كان يريد العزة أي الغلبة فهو مغلوب لأن الغلبة لله تعالى وحده ولا تتم إلا به عزوجل ونسب هذا إلى مجاهد وقيل : تعريف العزة الأولى للإستغراق أيضا أو للعهد والمراد الفرد الكامل والمعنى من كان يريد العزة جميعها أو الفرد الكامل منها وهي العزة التي لا يشوبها ذلة من وجه فهو لا ينالها فإنها لله تعالى وحده وهذا القول أحسن من القولين قبله وأظهر الأقوال عندي الأول وهو منسوب إلى قتادة وقوله تعالى إليه يصعد الكلم الطيب إلى آخره كالبيان لطريق تحصيل العزة وسلوك السبيل إل نيلها وهو الطاعة القولية والفعلية وقيل : بيان لكون

الصفحة 173