كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

بيانية ولؤلؤا عطف على محل من أساور أي ويحلون فيها لؤلؤا أخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري أن النبي تلا الآية فقال : إن عليهم التيجان إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب وقيل : عطف على المفعول المحذوف أو منصوب بفعل مضمر يدل عليه يحلون أي ويؤتون لؤلؤا وقرأ جمع من السبعة ولؤلؤ بالجر عطفا على ذهب أي يحلون فيها بعض أساور من مجموع ذهب ولؤلؤ بأن تنظم حبات ذهب مع حبات لؤلؤ ويتخذ من ذلك سوار كما هو معهود اليوم في بلادنا أو بأن يرصع الذهب باللؤلؤ كما يرصع ببعض الأحجار وقيل : أي من ذهب في صفاء اللؤلؤ وفيه ما فيه من الكدر
ولعل من يقول بأنه لا إشتراك بين ذهب الدنيا ولؤلؤها وذهب الآخرة ولؤلؤها إلا بالأسم لا يلتزم النظم ولا الترصيع كما لا يخفى وقريء لؤلؤا بتخفيف الهمزة الأولى ولباسهم فيها حرير 33 أي إبريسم محض كما في مجمع البيان وقال الراغب : مارق من الثياب وتغيير الأسلوب حيث لم يقل ويلبسون فيها حريرا قيل للإيذان بأن ثبوت اللباس لهم أمر محقق غني عن البيان إذ لا يمكن عراؤهم عنه وإنما المحتاج إلى البيان إن لباسهم ماذا بخلاف الأساور واللؤلؤ فإنها ليست من اللوازم الضرورية ولذا لا يلزم العدل بين الزوجات فيها فجعل بيان تحليتهم مقصورا بالذات ولعل هذا هو الباعث على تقديم التحلية على بيان حال اللباس وقيل : إن ذلك للدلالة على أن الحرير ثيابهم المعتادة مع المحافظة على هيئة الفواصل وليس بذاك وقالوا أي ويقولون
وصيغة الماضي للدلالة على التحقق الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن حزن تقلب القلب وخوف العاقبة على ما روى عن القاسم بن محمد وقال أبو الدرداء : حزن أهوال القيامة وما يصيب من ظلم نفسه هنالك
وأخرج الحاكم وصححه : وإبن أبي حاتم وغيرهما عن إبن عباس حزن النار وقال الضحاك حزن الموت يقولون ذلك إذا ذبح الموت وقال مقاتل : حزن الإنتقال يقولون ذلك إذا أستقروا فيها وقال قتادة : حزن أن لا تنقبل أعمالهم وقال الكلبي : خوف الشيطان وقال سمرة بن جندب : حزن معيشة الدنيا الخبز ونحوه وعن إبن عباس حزن الآفات والأعراض وقيل : حزن كراء الدار والأولى أن يراد جنس الحزن المنتظم لجميع أحزان الدين والدنيا والآخرة وكل ما سمعت من باب التمثيل وقد تقدم في الحديث إن الذين ظلموا أنفسهم هم الذين يقولون أي بعد أن يتلقاهم الله تعالى برحمته الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إلخ فلا تغفل وقريء الحزن بضم الحاء وسكون الزاي ذكره جناح بن حبيش إن ربنا لغفور للمذنبين شكور 43 للمطيعين
وأخرج إبن المنذر : وغيره عن إبن عباس أنه قال في ذلك غفر لنا العظيم من ذنوبنا وشكر لنا القليل من أعمالنا وفي الكشاف ذكر الشكور دليل على أن القوم كثيرو الحسنات وكان عليه أن ي قول : وذكر الغفور دليل على أنهم كثيرو الفرطات فينطبق على الفرق ولا ينفك النظم ولكن منعه المذهب الذي أحلنا دار المقامة أي دار الإقامة التي لا إنتقال منها أبدا وهي الجنة من فضله من إنعامه سبحانه وتفضله وكرمه فإن العمل وإن كان سببا لدخول الجنة في الجملة لكن سببيته بفضل الله عزوجل أيضا إذ ليس هناك إستحقاق ذاتي ومن علم أن العمل متناه زائل وثواب الجنة دائم لا يزول لم يشك في أن الله تعالى ما أحل من أحل دار الإقامة إلا من محض فضله سبحانه وقال الزمخشري : أي من إعطائه تعالى وإفضاله من قولهم لفلان فضول على قومه

الصفحة 199