كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

على سبيل الإصالة فلما عرج بروحه القدسية إلى أعلى عليين نال من نال بعده تلك الرتبة على سبيل النيابة عنه فإذا جاء المهدي ينالها إصالة كما نالها غيره من الإئمة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وهذا مما لا سبيل إلى معرفته والوقوف على حقيته إلا بالكشف وأتى لي به
والذي يغلب على ظني أن القطب قد يكون من غيرهم لكن قطب الأقطاب لا يكون إلا منهم لأنهم أزكى الناس أصلا وأوفرهم فضلا وإن من ينال هذه الرتبة منهم لا ينالها إلا على سبيل الإصالة دون النيابة والوكالة وأنا لا أعقل النيابة في ذلك المقام وإن عقلت قلت : كل قطب في كل عصر نائب عن نبينا عليه من الله تعالى أفضل الصلاة وأكمل السلام ولا بدع في نيابة الأقطاب بعده عنه كما نابت عنه الأنبياء قبله فهو عليه الصلاة و السلام الكامل المكمل للخليقة والواسطة في الإفاضة عليهم على الحقيقة وكل من تقدمه عصرا من الأنبياء وتأخر عنه من الأقطاب وألاؤلياء نواب عنه ومستمدون منه وأقول إن السيد الشيخ عبدالقادر قدس سره وغمرنا بره قد نال ما نال من القطبية بواسطة جده عليه الصلاة و السلام على أتم وجه وأكمل حال فقد كان رضي الله تعالى عنه من أجلة أهل البيت حسنيا من جهة الأب حسينيا من جهة الأم لم يصبه نقص لو أن عسى وليت ولا ينكر ذلك إلا زنديق أو رافضي ينكر صحبة الصديق وأرى أن قوله رضي الله تعالى عنه : أفلت الشموس الأولين وشمسنا أبدا على فلك العلا لا تغرب لا يدل على أن من ينال القطبية بعده من أهل البيت الذين عنصرهم وعنصره واحد نائب عنه ليس له فيض إلا منه بل غاية ما يدل عليه ويوميء إليه إستمرار ظهور أمره وإنتشار صيته وشهرة طريقته وعموم فيضه لمن إستفاض على الوجه المعروف عند أهله منه وذلك مما لا يكاد ينكر وأظهر من الشمس والقمر هذا ما عندي في الكلام على الآية الكريمة المتضمنة الفضيلة لأهل البيت عظيمة ويعلم منه وجه التعبير بيريد على صيغة المضارع ووجه تقديم إذهاب الرجس على التطهير ووجه دعائه صلى الله تعالى عليه وسلم لأهل الكساء بإذهاب الرجس من غير حاجة إلى القول بأن ذلك طلب للدوام كما قيل في قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا آمنوا ونحوه ولا يورد عليه كثير مما يورد على غيره ومع هذا لمسلك الذهن إتساع ولا حجر على فضل الله عزوجل فلا مانع من أن يوفق أحدا لما هو أحسن من هذا وأجل فتدبر ذاك والله سبحانه يتولى هداك
وأذكرن ما يتلى في بيوتكن أي أذكرن للناس بطريق العظة والتذكير وقيل : أي تذكرن ولا تنسين ما يتلى في بيوتكن من آيات الله أي القرآن والحكمة هي السنة على ما أخرج إبن جرير وغيره عن قتادة وفسرت بنصائحه صلى الله تعالى عليه وسلم وعن عطاء عن إبن عباس أنه كان في المصحف بدل الحكمة السنة حكاه محمد بن عبدالكريم الشهرستاني في أوائل تفسيره مفاتيح الأسرار وقال جمع : المراد بالآيات والحكمة القرآن وهو أوفق بقوله سبحانه : يتلى أي أذكرن ما يتلى من الكتاب الجامع بين كونه آيات الله تعالى البينة الدالة على صدق النبوة بأوجه شتى وكونه حكمة منطوية على فنون العلوم والشرائع وهذا تذكير بما أنعم عليهن حيث جعلهن أهل بيت النبوة ومهبط الوحي وما شاهدن من برحاء الوحي مما يوجب قوة الإيمان والحرص على الطاعة وفيه حث على الإنتهاء والإئتمار فيما كلفنه وقيل : هذا هذا أمر بتكميل الغير بعد الأمر بما فيه كما لهن ويعلم منه وجه توسيط إنما يريد إلخ في البين والتعرض

الصفحة 20