كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

كحفظ الصحة ومن لم يقو إيمانه به كان خحاله على العكس فشابه الإعتراف به بالقلب الذي بصلاحه يصلح البدن وبفساده يفسد وجوز أن يقال وجه الشبه بالقلب أن به صلاح البدن وفساده وهو غير مشاهد في الحس وهو محل لإنكشاف الحقائق والأمور الخفية وكذا الحشر من المغيبات وفيه يكون إنكشاف الأمور والوقوف على حقائق المقدور وبملاحظته وإصلاح أسبابه تكون السعادة الأبدية وبالإعراض عنه وإفساد أسبابه يبتلي بالشقاوة السرمدية وفي الكشف لعل الإشارة النبوة في تسمية هذه السورة قلبا وقلب كل شيء عليه وأصله الذي ما سواه إما من مقدماته وإما من متمماته إلى ما أسلفناه في تسمية الفاتحة بأم القرآن من أن مقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب إرشاد العباد إلى غايتهم الكمالية في المعاد وذلك بالتحقق والتخلق المذكورين هنالك وهو المعبر عنه بسلوك الصراط المستقيم ومدار هذه السورة الكريمة على بيان ذلك أتم بيان
ويعلم منه وجه إختصاص الحشر بما ذكر في كلام الحجة فلا وجه لقول البعض في الإعتراض عليه فلا وجه إلخ وسيأتي إن شاء الله تعالى آخر الكلام في تفسير السورة الإشارة إلى ما أشتملت عليه من أمهات علم الأصول والمسائل المعتبرة بين الفحول وتقريرها إياها بأبلغ وجه وأتمه ولعل هذا هو السر في الأمر الوارد في صحيح الأخبار بقراءتها على الموتى أي المحتضرين وتسمى أيضا العظيمة عند الله تعالى
أخرج أبو نصر السجزي في الإبانة وحسنه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله إن في القرآن لسورة تدعى العظيمة عند الله تعالى ويدعى صاحبها الشريف عند الله تعالى يشفع صاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر وهي سورة يس وذكر أنها تسمى أيضا المعمة والمدافعة القاضية
أخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن حسان بن عطية أن رسول الله قال سورة يس تدعى في التوراة المعمة تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة وتكابد عنه بلوى الدنيا والآخرة وتدفع عنه أهاويل الدنيا والآخرة وتدعى المدافعة القاضية تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة الخبر وتعقبه البيهقي فقال : تفرد به محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن سليمان بن دفاع وهو منكر وهي على ما أخرج إبن الضريس والنحاس وإبن مردويه والبيهقي عن إبن عباس مكية وأستثنى منها بعضهم قوله تعالى : إنا نحن نحيي الموتى الآية مدعيا أنها نزلت بالمدينة لما أراد بنو سمة النقلة إلى قرب مسجد النبي وكانوا في ناحية المدينة فقال عليه الصلاة و السلام إن آثاركم تكتب فلم ينتقلوا وسيأتي إن شاء الله تعالى ما قيل في ذلك وقوله سبحانه وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله الآية لأنها نزلت في المنافقين فتكون مدنية
وتعقب بأنه لا صحة له وأيها ثلاث وثمانون آية في الكوفي وإثنتان وثمانون في غيره وجاء مما يشهد بفضلها وعلو شأنها عدة أخبار وآثار وقد مر آنفا بعض ذلك وصح من حديث معقل بن يسار لا يقرؤها عبد يريد الله تعالى والدار الآخرة إلا غفر له ما تقدم من ذنبه
وأخرج الترمذي والدارمي من حديث أنس من قرأ يس كتب الله تعالى له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات ولا يلزم من هذا تفضيل الشيء على نفسه إذ المراد بقراءة القرآن قراءته دون يس وقال الخفاجي : لا يلزم ذلك إذ يكفي في صحة التفضيل المذكور التغاير الإعتباري فإن يس من حيث تلاوتها فردة غير كونها

الصفحة 209