كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

مقروءة في جملته كما إذا قلت : الحسناء في الحلة الحمراء أحسن منها في البيضاء وقد يكون للشيء مفردا ما ليس له مجموعا مع غيره كما يشاهد في بعض الأدوية ورجا أن يكون أقرب مما قدمنا وأنا لا أرجو ذلك والظاهر أنه يكتب له الثواب المذكور مضاعفا أي كل حرف بعشرة حسنات ولا بدع في تفضيل العمل القليل على الكثير فلله تعالى أن يمن بما شاء على من شاء ألا ترى ما صح أن هذه الأمة أقصر الأمم أعمارا وأكثرها ثوابا وإنكار الخصوصيات مكابرة ولله تعالى در من قال : فإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال وذكر بعضهم أن من قرأها أعطى من الأجر كمن قرأ القرآن أثنتين وعشرين مرة وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي قلابةوهو من كبار التابعينأن من قرأها فكأنما قرأ القرآن إحدى عشرة مرة
وعن أبي سعيد أنه قال من قرأ يس مرة فكأنما قرأ القرآن مرتين
وحديث العشر مرفوع عن إبن عباس ومعقل بن يسار وعقبة بن عامر وأبي هريرة وأنس رضي الله تعالى عنهم فعليه المعول ووجه إتصالها بما قبلها على ما قاله الجلال السيوطي أنه لما ذكر في سورة فاطر قوله سبحانه وجاءكم النذير وقوله تعالى وأقسموا بالله جهد أيمانكم لئن جاءهم نذير إلى قوله سبحانه فلما جاءهم نذير وأريد به محمد وقد أعرضوا عنه وكذبوه أفتتح هذه السورة بالإقسام على صحة رسالته عليه الصلاة و السلام وأنه على صراط مستقيم لينذر قوما ما أنذر آباؤهم وقال سبحانه في فاطر وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل وفي هذه السورة والشمس تجري لمستقر لها والقمر قدرناه منازل إلى غير ذلك ولا يخفى أن أمر المناسبة يتم على تفسير النذير بغيره أيضا فتأمل
بسم الله الرحمن الرحيم يس 1 الكلام فيه كالكلام في ألم ونحوه من الحروف المقطعة في أوائل السور إعرابا ومعنى عند كثير وأخرج إبن أبي شيبة وعبد بن حميد وإبن جرير وإبن المنذر وإبن أبي حاتم من طرق عن إبن عباس أنه قال : يس ياإنسان وفي رواية أخرى عنه زيادة بالحبشية وفي أخرى عنه أيضا في لغة طي
قال الزمخشري : إن صح هذا فوجهه أن يكون أصله ياأنيسين فكثر النداء به على ألسنتهم حتى أقتصروا على شطره كما في القسم م الله في أيمن الله وتعقبه أبو حيان بأن المنقول عن العرب في تصغير إنسان أنيسيان بياء قبل الألف وهو دليل على أن الإنسان من النسيان وأصله إنسيان فلما صغر رده التصغير إلى أصله ولا نعلمهم قالوا في تصغيره أنيسين وعلى تقدير أنه بقية أنيسين فلا يجوز ذلك إلا أن يبني على الضم ولا يبقى موقوفا لأنه منادى مقبل عليه ومع ذلك لا يجوز التصغير في أسماء الأنبياء عليهم السلام كما لا يجوز في أسماء الله عزوجل وما ذكره فيممن أنه شطر أيمن قول ومن النحويين من يقول محرف قسم وليس شطر أيمن إنتهى
قال الخفاجي : لزوم البناء عل ىالضم مما لا كلام فيه فلعل من فسره بذلك يقرؤه بالضم على الأوجه فيه وأما الإعتراضان الآخران فلا ورود لهما أصلا فأما الأول فلأن من يقول أنيسيان على خلاف القياس وهو الأصح لا يلزمه فيما غير منه ان يقدره كذلك وهو لم يلفظ به حتى يقال له : إنك نطقت بما لم تنطق به العرب بل هو أمر تقديري فإذا قال : المقدر مفروض عندي على القياس هل يتوجه عليه السؤال وأما الأخير فلأن

الصفحة 210