كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

التصغير في نحو ذلك إنما يمتنع منا وأما من الله تعالى فله سبحانه أن يطلق عل ىنفسه عزوجل وعظماء خلقه ما أراد ويحمل حينئذ على ما يليق كالتعظيم والتحبيب ونحوه من معاني التصغير كما قال إبن الفارض : ما قلت حبيبي من التحقير بل يعذب أسم الشيء بالتصغير والذي قاله أبو حيان في توجيه ذلك أنهم يقولون إيسان بمعنى إنسان ويجمعون على أياسين فهذا منه ولا يخفى أنه يحتاج إلى إثبات وبعد ولا يخفى ما في التخريج عليه وقالت فرقة : ياحرف نداء والسين مقامة مقام إنسان أنتزع منه حرف فأقيم مقامه ونظيره ما جاء في الحديث كفى بالسيف شا أي شاهدا وأيد بما ذهب إليه إبن عباس في حم عسق ونحوه من أنها حروف من جملة أسماء له تعالى وهي رحيم وعليم وسميع وقدير ونحو ذلك وظاهر كلام بعضهم كإبن جبير أن يس بمجموعه أسم من أسمائه عليه الصلاة و السلام وهو ظاهر قول السيد الحميري : يانفس لا تمحضي بالود جاهدة على المودة إلا آل ياسينا ولتسميته بهذين الحرفين الجليلين سر جليل عند الواقفين على أسرار الحروف وقد تكلمت ولله تعالى الحمد فيما تعلق بهذه الكلمة الشريفة ثلاثة أيام أشرع كل يوم منها بعد العصر وأختم قبيل المغرب وذلك في مجلس وعظي في المسجد الجامع الداودي واليوم لا أستطيع أن أذكر من ذاك بنت شفة بل لا أتذكر منه إلا رسما هب عليه عاصف الزمان الغشوم فنسفه فحسبي الله عمن سواه فلا رب غيره ولا يرجي إلا خيره
وقريء بفتح الياء وإمالتها محضا وبين بين
وقرأ جمع بسكون النون مدغمة في الواو وآخرون بسكونها مظهرة والقراءتان سبعيتان وقرأ إبن أبي إسحاق وعيسى بفتح النون قال أبو حاتم قياس قول قتادة إنه قسم أن يكون على حدالله لأفعانبالنصب
ويجوز أن يكون مجرورا بإضمار باء القسم وهو ممنوع من الصرف وقال الزجاج : النصب على تقدير أتل يس وهذا على قول سيبويه أنه أسم للسورة وقيل هو مبني والتحريك للجد في الهرب من إلتقاء الساكنين والفتح للخفة كما في أين وسبب البناء غير خفي عليك إذا أحطت خبرا بما قرروا في ألم أول سورة البقرة
ولا تغفل عما قالوا في النصب بإضمار فعل القسم من أنه لا يسوغ لما فيه من جمع قسمين على مقسم عليه واحد وهو مستكره ولا سبيل إلى جعل الواو بعد للعطف لا للقسم لمكان الإختلاف إعرابا
وقرأ الكلبي بضم النون وخرج على أنه منادى مقصود بناء على أنه بمعنى إنسان أو على أنه خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوف ويقدر هذه إذا كان إسما للسورة وهذا إن كان أسما للقرآن وهو يطلق على البعض كما يطلق على الكل وجعله مبتدأ محذوف الخبر وهو قسم أي يس قسمي نحو أمانة الله لأفعلن بالرفع لا يخفى حاله وقيل الضمة فيه ضمة بناء كما في حيث
وقرأ أبو السمال وإبن أبي إسحاق أيضا بكسرها وخرج على أنه للجد في الهرب عن الساكنين بما هو الأصلي فتأمل وتذكر والقرآن إبتدأ قسم وجوز أن يكون عطفا على يس على تقدير كونه مجرورا بإضمار باء القسم لا أنه قسم بعد قسم لما سمعت من كلامهم الحكيم 2 أي دي حكمة على أنه صيغة نسبة كلابن وتأمر أي متضمن إياها أو الناطق بالحكمة كالحي على أن يكون من الإستعارة المكنية أو المتصف

الصفحة 211