كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

أي فلما قضى زيد منها وطرا وأنقضت عدتها وقيل : إن قضاء الوطر يشعر بإنقضاء العدة لأن القضاء الفراغ من الشيء على التمام فكأنه قيل : فلما قضى زيد حاجته من نكاحها فطلقها وأنقضت عدتها فلم يكن في قلبه ميل إليها ولا وحشة من فراقها زوجناكها أي جعلناها زوجة لك بلا واسطة عقد إصالة أو وكالة فقد صح من حديث البخاري والترمذي أنها رضي الله تعالى عنها كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تقول : زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات وأخرج إبن جرير عن الشعبي قال : كانت تقول للنبي عليه الصلاة و السلام إني لأدل عليك بثلاث ما من نسائك أمرأة تدل بهن إن جدي وجدك واحد وإني أنكحك الله إياي من السماء وإن السفير لجبريل عليه السلام ولعلها أرادت سفارته عليه السلام بين الله تعالى وبين رسوله وإلا فالسفير بينه عليه الصلاة و السلام وبينها كان زيدا
أخرج أحمد ومسلم والنسائي وغيرهم عن أنس قال : لما أنقضت عدة زينب قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لزيد : أذهب فاذكرها علي فأنطلق قال : فلما رأيتها عظمت في صدري فقلت : يازينب أبشري أرسلني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يذكرك قالت : ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤمرر بي فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ودخل عليبها بغير إذن
ومن حديث أخرجه الطبراني والبيهقي في سننه وإبن عساكر من طريق إبن زيد الأسدي عن مذكور مولى زينب قالت طلقني زيد فبت طلاقي فلما أنقضت عدتي لم أشعر إلا والنبي عليه الصلاة و السلام قد دخل علي وأنا مكشوفة الشعر فقلت : هذا من السماء دخلت يارسول الله بلا خطبة ولا شهادة فقال : الله تعالى المزوج وجبريل الشاهد ولا يخفى أن هذا بظاهره يخالف ما تقدم من الحديث والمعول على ذاك وقيل : المراد بزوجناكها أمرناك بتزوجها
وقرأ علي وأبتاه ريحانتا رسول الله الحسن والحسين وإبنه محمد بن الحنفية وجعفر الصادق رضي الله تعالى عنهم أجمعين زوجتكها بتاء الضمير للمتكلم وحده لكي لا يكون على المؤمنين حرج أي ضيق وقيل إثم وفسره بهما بعضهم كالطبرسي بناء على جواز إستعمال المشترك في معنييه مطلقا كما ذهب إليه الشافعية أو في النفي كما ذهب إليه العلامة إبن الهمام من الحنفية في أزواج أي في حق تزوج أزواج أدعيائهم الذين تبنوهم إذا قضوا منهن وطرا أي إذا طلقهن الأدعياء وأنقضت عدتهن فإن لهم في رسول الله أسوة حسنة وأستدل بهذا على أن ما ثبت له من الأحكام ثابت لأمته إلا ما علم أنه من خصوصياته عليه الصلاة و السلام بدليل وتمام الكلام في المسئلة مذكور في الأصول والمراد بالحكم ههنا على ما سمعت أولا مطلق تزوج زوجات الأدعياء وهو على ما قيل ظاهر وكان أمر الله أي ما يريد تكوينه من الأمور أو مأموره الحاصل بكن مفعولا 73 مكونا لا محالة والجملة إعتراض تذييلي مقرر لما قبله من تزويج زينب رضي الله تعالى عنها ما كان على النبي من حرج أي ما صح وما أستقام في الحكمة أن يكون له حرج فيما فرض الله له أي قسم له وقدر من قولهم : فرض له في الديوان كذا ومنه فروض العساكر لما يقطعه السلطان لهم ويرسم به وقال قتادة : أي فيما أحل له وقال الحسن : فيما خصه به من صحة

الصفحة 26