كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

تعالى عليه وسلم بقوله كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي فلا تغفل وعلى جواز الإطلاق قالوا : إن قوله تعالى : ولكن رسول الله إستدراك من نفي كونه عليه الصلاة و السلام أبا أحد من رجالهم على وجه يقتضي حرمة المصاهرة ونحوها إلى إثبات كونه صلى الله تعالى عليه وسلم أبا لكل واحد من الأمةو فيما يرجع إلى وجوب التوفير والتعظيم له صلى الله تعالى عليه وسلم ووجوب الشفقة والنصيحة لهم عليه عليه الصلاة و السلام فإن كل رسول أب لأمته فيما يرجع إلى ذلك وحاصله أنه إستدراك من نفي الأبوة الحقيقية الشرعية التي يترتب عليها حرمة المصاهرة ونحوها إلى إثبات الأبوة المجازية اللغوية التي هي من شأن الرسول عليه الصلاة و السلام وتقتضي التوفير من جانبهم والشفقة من جانبه صلى الله تعالى عليه وسلم وقبل في توجيه الإستدراك أيضا إنه لما نفيت أبوته صلى الله تعالى عليه وسلم لأحد من رجالهم مع إشتهار أن كل رسول أب لأمته ولذا قيل : إن لوطا عليه السلام عني بقوله : هؤلاء بناتي هن أطهر لكم المؤمنات من أمته يتوهم نفي رسالته صلى الله تعالى عليه وسلم بناء على توهم التلازم بين الأبوة والرسالة فأستدرك بإثبات الرسالة تنبيها على أن الأبوة المنفية شيء والمثبتة للرسول شيء آخر وأما قوله سبحانه وخاتم النبيين فقد قيل إنه جيء به ليشير إلى كمال نصحه وشفقته صلى الله تعالى عليه وسلم فيفيد أن أبوته عليه الصلاة و السلام للأمة المشار إليها بقوله تعالى : ولكن رسول الله أبوة كاملة فوق أبوة سائر الرسل عليهم السلام لأممهم وذلك لأن الرسول الذي يكون بعده رسول ربما لا يبلغ في الشفقة غايتها وفي النصيحة نهايتها إتكالا على من يأتي بعده كالوالد الحقيقي إذا علم أن لولده بعده من يقوم مقامه وقيل : إنه جيء به للإشارة إلى إمتداد تلك الأبوة المشار إليها بما قبل إلى يوم القيامة فكأنه قيل : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم بحيث تثبت بينه وبينه حرمة المصاهرة ولكن كان أبا كل واحد منكم وأبا أبنائكم وأبناء أبنائكم وهكذا إلى يوم القيامة بحيث يجب له عليكم وعلى من تناسل منكم إحترامه وتوقيره ويجب عليه لكم ولمن تناسل منكم الشفقة والنصح الكامل وقيل : إنه جيء به لدفع ما يتوهم من قوله تعالى : من رجالكم من أنه صلى الله تعالى عليه وسلم يكون أبا أحد من رجاله الذين ولدوا منه عليه الصلاة و السلام بأن يولد له ذكر فيعيش حتى يبلغ مبلغ الرجال وذلك لأن كونه عليه الصلاة و السلام خاتم النبيين يدل على أنه لا يعيش له ولد ذكر حت يبلغ لأنه لو بلغ لكان منصبه أن يكون نبيا فلا يكون هو صلى الله تعالى عليه وسلم خاتم النبيين ويراد بالأب عليه الأب الصلب لئلا يعترض بالحسنين رضي الله تعالى عنهما ودليل الشرطية ما رواه إبراهيم السدي عن أنس قال : كان إبراهيم يعني إبن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قد ملأ المهد ولو بقى لكان نبيا لكن لم يبق لأن نبيكم آخر الأنبياء عليهم السلام وجاء نحوه في روايات أخر
أخرج البخاري من ط ريق محمد بن بشر عن إسماعيل بن أبي خالد قال : قلت لعبدالله بن أبي أوفي رأيت إبراهيم إبن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : مات صغيرا ولو قضى بعد محمد صلى الله تعالى عليه وسلم نبي عاش إبنه إبراهيم ولكن لا نبي بعده
وأخرج أحمد عن وكيع عن إسماعيل سمعت إبن أبي أوفي يقول : لو كان بعد النبي نبي ما مات إبنه
وأخرج إبن ماجه وغيره من حديث إبن عباس لما مات إبراهيم إبن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقال :

الصفحة 32