كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

وأجيب عن هذا بأنه لا مانع من إلتزامه إلا أنه يلتزم كون الأفضلية من حيث أمومة المؤمنين والزوجية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا من الحيثيات فلا يضر فيه كون فاطمة رضي الله تعالى عنها أفضل من كل واحدة منهن لبعض الحيثيات الأخر بل هي من بعض الحيثيات كحيثية البضعية أفضل من كل من الخلفاء الأربعة رضي الله تعالى عنهم أجمعين نعم أورد على ما في الكشاف أن أحد الموضوع في النفي العام همزته أصلية غير منقلبة عن الواحد وقد نص على ذلك أبو علي وخالف فيه الرضى فنقل عنه أن همزة أحد في كل مكان بدل من الواو والمشهور والتفرقة بين الواقع في النفي العام والواقع في الإثبات بأن همزة الأول أصلية وهمزة الثاني منقلبة عن الواو وفي العقد المنظوم في ألفاظ العموم للفاضل القرافي قد أشكل هذا على كثير من الفضلاء لأن اللفظين صورتهما واحدة ومعنى الوحدة يتناولهما والواو فيها أصلية فيلزم قطعا إنقلاب ألف أحد مطلقا عنها وجعل ألف أحدهما منقلبا دون ألف الآخر تحكم وقد أطلعني الله تعالى على جوابه وهو أن أحد ألذي لا يستعمل إلا في النفي معناه إنسان بإجماع أهل اللغة وأحد الذي يستعمل في الإثبات معناه الفرد من العدد فإذا تغاير مسماهما تغاير إشتقاقهما لأنه لا بد فيه من المناسبة بين اللفظ والمعنى ولا يكفي فيه أحدهما فإذا كان المقصود به الإنسان فهو الذي لا يستعمل إلا في النفي وهمزته أصلية وإن قصد به العدد ونصف الأثنين فهو الصالح للإثبات والنفي وألفه منقلبة عن واو ولا يخفى أنه إذا سلم الفرق المذكور ينبغي أن تكون الهمزة هنا أصلية وإلى أن همزة الواقع في النفي أصلية ذهب أبو حيان فقال : إن ما ذكره الزمخشري من قوله : ثم وضع في النفي العام إلخ غير صحيح لأن الذي يستعمل في النفي العام مدلوله غير مدلول واحد لأن واحدا ينطلق على كل شيء أتصف بالوحدة وأحد المستعمل في النفي العام مخصوص بمن يعقل وذكر النحويون أن مادته همزة وحاء ودال ومادة أحد بمعنى واحد أصله واو وحاء ودال فقد أختلفا مادة ومدلولا
وذكر أن ما في قوله تعالى : لا نفرق بين أحد من رسله يحتمل أن يكون الذي للنفي العام ويحتمل أن يكون بمعنى واحد ويكون قد حذف معطوف أي بين واحد وواحد من رسله كما قال الشاعر : فما كان بين الخير لو جاء سالما أبو حجر إلا ليال قلائل وقال الراغب : أحد يستعمل على ضربين في النفي لإستغراق جنس الناطقين ويتناول القليل والكثير على الإجتماع والإنفراد نحو ما في الدار أحد أي لا واحد ولا إثنان فصاعدا لا مجتمعين ولا مفترقين وهذا المعنى لا يمكن في الإثبات لأن نفي المتضادين يصح ولا يصح إثباتهما فلو قيل في الدار أحد لكان إثبات أحد منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومتفرقين وهو بين الإحالة ولتناوله ما فوق الواحد صح نحو فما منكم من أحد عنه حاجزين وفي الإثبات على ثلاثة أوجه إستعماله في الواحد المضموم إلى العشرات كأحد عشر وأحد وعشرين وإستعماله مضافا أو مضافا إليه بمعنى الأول نحو أما أحدكما فيسقي وقولهم يوم الأحد وإستعماله وصفا وهذا لا يصح إلا في وصفه تعالى شأنه أما أصلهأعني وحدفقد يستعمل في غيره سبحانه كقول النابغة : كأن رحلي وقد زال النهار بنا بذي الجليل على مستأنس وحد وهو محتمل لدعوى إنقلاب همزته عن واو مطلقا ولدعوى إنقلابها عنها في الإستعمال الأخير إنتهى

الصفحة 4