كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

ملكا متى خالف ما ألقاه وأتى به الكتاب أو السنة أو إجماع الأمة ومثله فيما أرى التكلم بما يشبه الهذيان ويضحك منه الصبيان وينبغي لمن وقع له ذلك أن لا يشيعه ويعلن به لما فيه من التعرض للفتنة فقد أخرج مسلم عن مطرف أيضا من وجه آخر قال : بعث إلي عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه فقال : إني محدثك فإن عشت فأكتم عني وإن مت فحدث بها إن شئت إنه قد سلم عليوفي رواية الحاكم في المستدركأعلم يامطرف أنه كان يسلم على الملايكة عند رأسي وعند البيت وعند باب الحجرة فلما أكتويت ذهب ذلك قال : فلما برأ كلمه قال : أعلم يامطرف أنه عاد إلى الذي كنت أكتم على حتى أموت وكذا ينبغي أن لا يقول لإلقاء الملك عليه إيحاء لما فيه من الإيهام القبيح وهو إيهام وحي النبوة الذي يكفر مدعيه بعد رسول الله بلا خلاف بين المسلمين وأطلق بعض الغلاة من الشيعة القول بالإيحاء إلى الأئمة إلاطهار وهم رضي الله تعالى عنهم بمعزل عن قبول قول أولئك الأشرار
فقد روى أن سديرا الصيرفي سأل جعفرا الصادق رضي الله تعالى عنه فقال : جعلت فداك إن شيعتكم أختلفت فيكم فأكثرت حتى قال بعضهم : إن الإمام ينكت في أذنه وقال آخرون : يوحى إليه وقال آخرون : يقذف في قلبه وقال آخرون : يرى في منامه وقال آخرون : إنما يفتى بكتب آبائه فبأي جوابهم آخذ يجعلني الله تعالى فداك قال : لا تأخذ بشيء مما يقولون ياسدير نحن حجج الله تعالى وأمناؤه على خلقه حلالنا من كتاب الله تعالى وحرامنا منه حكاه محمد بن عبدالكريم الشهرستاني في أول تفسيره مفاتيح الأسرار وقد ظهر في هذا العصر عصابة من غلاة الشيعة لقبوا أنفسهم بالبابية لهم في هذا الباب فصول يحكم بكفر معتقدها كل من أنتظم في سلك ذوي العقول وقد كاد يتمكن عرقهم في العراق لولا همة وإليه النجيب الذي وقع على همته وديانته الإتفاق حيث خذلهم نصره الله تعالى وشتت شملهم وغضب عليهم رضي الله تعالى عنه وأفسد عملهم فجزاه الله تعالى عن الإسلام خيرا ودفع عنه في الدارين ضيما وضيرا وأدعى بعضهم الوحي إلى عيسى عليه السلام بعد نزوله وقد سئل عن ذلك إبن حجر الهيثمي فقال : نعم يوحى إليه عليه السلام وحي حقيقي كما في حديث مسلم وغيره عن النواس بن سمعان وفي رواية صحيحة فبينما هو كذلك إذا وحي الله تعالى ياعيسى إني أخرجت عبادا لي لايد لأحد بقتالهم فحول عبادي إلى الطور وذلك الوحي على لسان جبريل عليه السلام إذ هو السفير بين الله تعالى وأنبيائه لا يعرف ذلك لغيره وخبر لا وحي بعدي باطل وما أشتهر أن جبريل عليه السلام لا ينزل إلى الأرض بعد موت النبي فهو لا أصل له ويرده خبر الطبراني ما أحب أن يرقد الجنب حتى يتوضأ فإني أخاف أن يتوفى وما يحضره جبريل عليه السلام فإنه يدل على أن جبريل ينزل إلى الأرض ويحضر موت كل مؤمن توفاه الله تعالى وهو على طهارة ولعل من نفي الوحي عنه عليه السلام بعد نزوله أراد وحي التشريع وما ذكر وحي لا تشريع فيه فتأمل
وكونه خاتم النبيين مما نطق به الكتاب وصدعت به السنة وأجمعت عليه الأمة فيكفر مدعي خلافه ويقتل أن أصر
ومن السنة ما أخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وإبن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله قال : مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا بناه فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة فإنا اللبنة وأنا خاتم النبيين وصح عن جابر مرفوعا نحو ذا وكذا عن أبي بن كعب وأبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهم وللشيخ محيي الدين بن عربي

الصفحة 41