كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

أي شهدنا فيه فحذف حرف الجر ووصل الفعل بالضمير وقال أبو حيان : إن الإعتداء يتعدى بعلي فالمراد تعتدون عليهن فيها ونظيره في حذف على قوله : تحن فتبدي ما بها من صبابة وأخفى الذي لولا الأسى لقضائي فإنه أراد لقضي على وجوز أن يكون ذلك على إبدال بالتاء وقيل عليه : إنه تخريج غير صحيح لأن عد يعد من باب نصر كما في كتب اللغة فلا وجه لفتح التاء لو كانت مبدلة من الدال فالظاهر حمله على حذف إحدى الدالين تخفيفا وقرأ الحسن بإسكان العين كغيره وتشديد الدال جمعا بين الساكنين فمتعوهن أي فأعطوهن المتعة وهي في المشهور درع أي قميص وخمار وهو ما تغطى به المرأة رأسها وملحفة وهي ما تلتحف به من قرنها إلى قدمها ولعلها ما يقال له إزار اليوم وهذا على ما في البدائع أدنى ما تكسي به المرأة وتتستر عند الخروج
ويفهم من كلام فخر الإسلام والفاضل البر جندي أنه يعتبر عرف كل بلدة فيما تكسى به المرأة عند الخروج والمفتى به الأشبه بالفقه قول الخصاف إنها تعتبر بحالهما فإن كانا غنيين فلها الأعلى من الثياب أو فقيرين فالأدنى أو مختلفين فالوسط وتجب لمطلقة قبل الوطء والخلوة عند معتبرها لم يسم لها في النكاح تسمية صحيحة من كل وجه مهر ولا تزيد على نصف مهر المثل ولا تنقص عن خمسة دراهم فإن ساوت النصف فهي الواجبة وأن كان النصف أقل منها فالواجب الأقل إلا أن ينقص عن خمسة دراهم فيكمل لها الخمسة وفي البدائع لو دفع لها قيمة المتعة أجبرت على القبول فمعنى الآية على ما سمعت وكان الأمر للوجوب فمتعوهن إن لم يكن مفروضا لهن في النكاح وروى هذا عن إبن عباس وأما المفروض لها فيه إذا طلقت قبل المس فالواجب لها نصف المفروض لا غير
وأما المتعة فهي على ما في المبسوط والمحيط وغيرهما من المعتبرات مستحبة وعلى ما في بعض نسخ القدورىومشى عليه صاحب الدرر غير مستحبة أيضا والأرجح أنها مستحبة وفي قول الشافعي القديم أنها واجبة كما في صورة عدم الفرض وجوز أن تبقى الآية على ظاهرها ويكون المراد ذكر المطلقة قبل المس سواء فرض لها في النكاح أم لم يفرض ويراد بالمتعة العطاء مطلقا فيعم نصف المفروض والمتعة المعروفة في الفقه ويكون الأمر للوجوب أيضا أو يراد بالمتعة معناها المعروف ويحمل الأمر على ما يشمل الوجوب والندب
وأدعى سعيد بن المسيب كما أخرج عبد بن حميد أن الآية منسوخة بآية البقرة وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم قال : فصار لها نصف الصداق ولا متاع لها وأنكر الحسن وأبو العالية النسخ وقالا لها نصف الصداق ولها المتاع
وجاء في رواية أخرى أخرجها عبد بن حميد عن الحسن أيضا أن لكل مطلقة متاعا دخل بها أم لم يدخل بها فرض لها أو لم يفرض وظاهره دعوى الوجوب في الكل وهو خلاف ما عندنا وقد علمت الحكم في صورتين وهو في الصورتين الباقيتين الإستحباب وأما دعوى النسخ فلا يخفى ما فيها والظاهر أن الفاء لتفريع ما بعدها على ما قبلها وقيل : فصيحة أي إذا كان كما ذكر فمتعوهن وسرحوهن أي أخرجوهن من منازلكم إذ ليس لكم عليهن عدة وأصل التسريح أن ترعى الإبل السرح وهو شجر له ثمرة ثم جعل لكل إرسال في الرعى ثم لكل إرسال وإخراج سراحا جميلا 94 مشتملا على كلام طيب عاريا عن أذى ومنع واجب وقيل : السراح الجميل أن لا يطالبوهن بما آتوهن وقال الجبائي هو الطلاق السني وليس بشيء لأن ذاك لعطفه على

الصفحة 51