كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

نساؤه صلى الله تعالى عليه وسلم اللاتي كن في عصمته وقد آتاهن مهورهن كعائشة وحفصة وسودة وبما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك نحو ريحانة بناء على ما قاله محمد إبن إسحاق أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما فتح قريظة أصطفاها لنفسه فكانت عنده حتى توفيت عنده وهي في ملكه ووافقه في ذلك غيره أخرج الواقدي بسنده إلى أيوب بن بشير قال إنه عليه الصلاة و السلام أرسل بها إلى بيت سلمى بنت قيس أم المنذر فكانت عندها حتى حاضت حيضة ثم طهرت من حيضها فجاءت أم المنذر فأخبرته صلى الله تعالى عليه وسلم فجاءها في منزل أم المنذر فقال لها : إن أحببت أن أعتقك وأتزوجك فعلت وإن أحببت أن تكوني في ملكي أطأك بالملك فعلت فقالت : يارسول الله أحب أن أخف عليك وأن أكون في ملكك فكانت في ملك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يطؤها حتى ماتت وذهب بعضهم إلى أنه عليه الصلاة و السلام أعتقها وتزوجها وأخرج ذلك الواقدي أيضا عن إبن أبي ذئب عن الزهري ثم قال : وهذا الحديث أثبت عندنا : وروى عنها أنها قالت : لما سبيت بنو قريظة عرض السبي على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فكنت فيمن عرض عليه فأمر بي فعزلت وكان له صفي كل غنيمة فلما عزلت خار الله تعالى لي فأرسل بي إلى منزل أم المنذر بنت قيس أياما حتى قتل الأسرى وفرق السبي فدخل علي صلى الله تعالى عليه وسلم فتجنبت منه حياء فدعاني فأجلسني بين يده فقال : إن أخترت الله ورسوله أختارك رسول الله لنفسه فقلت : إني أختار الله تعالى ورسوله فلما أسلمت أعتقني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتزوجني وأصدقني إثنتي عشرة أوقية ذهبا كما كان يصدق نساءه وأعرس بي في بيت أم النذز وكان يقسم لي كما يقسم لنسائه وضرب على الحجاب ولم يذكر إبن الأثير غير القول بإعتاقها وتزوجها ومنهم من ذهب إلى أنها أسلمت فأعتقها عليه الصلاة و السلام فلحقت بأهلها وكانت تحتجب عندهم وتقول : لا يراني أحد بعد رسول الله وحكى لحوقها بأهلها عن الزهري وأدعى بعضهم بقاءها حية بعده عليه الصلاة و السلام وأنها توفيت سنة ست عشرة أيام خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وذكر إبن كمال في تفسيره لبيان الموصول صفية وجويرية والمذكور في أكثر المعتبرات في أمرهما أن صفية لما جمع سبي خيبر أخذها دحية وقد قال له : أذهب فخذ جارية ثم أخبر عليه الصلاة و السلام أنها لا تصلح إلا له لكونها بنت سيد قومه فقال لدحية : خذ غيرها وأخذها رسول الله وأعتقها وتزوجها وكان صداقها نفسها وأن جويرية في غزوة بني المصطلق وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري فكاتبته على نفسها ثم جاءت إلى رسول الله فقالت : يارسول الله أنا جويرية بنت الحرث وكان من أمري مالا يخفى عليك ووقعت في سهم ثابت إبن قيس وإني كاتبت نفسي فجئت أسألك في كتابتي فقال عليه الصلاة و السلام فهل لك إلى ما هو خير : قالت وما هو يارسول الله قال : أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك قالت : قد فعلت وقال إبن هشام ويقال إشتراها من ثابت وأعتقها وتزوجها وأصدقها أربعمائة درهم ولا يخفى عليك أنه إذا كان المراد إحلال ما ملكت يمينه حين الملك من حيث أنه ملك له وإن لم يحصل وطء بالفعل يدخل جميع ما ملكه عليه الصلاة و السلام من الجواري حين الملك ولا يضر الإعتاق والتزوج بعد ذلك وحل الوطء بسبب النكاح لا الملك وإن كان المراد إحلال ذلك مع وقوع الوطء لالفعل ووصف الملك قائم لا يصح بيان الموصول إلا بمملوكة وطئها عليه الصلاة و السلام وهي ملكه كريحانة في قول وجارية أصابها في بعض السبي وعدوها من سراريه ولم يذكر المعظم أسمها وعد الجلبي من سراريه عليه الصلاة و السلام جارية سماها زليخة القرظية فلعلها هي

الصفحة 54