كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

في جواب النهي وقرأ أبان بن عثمان وإبن هرمز فيطمع بالجزم وكسر العين لإلتقاء الساكنين وهو عطف على محل عل النهي على أنه نهى لمريض القلب عن الطمع عقيب نهيهن عن الخضوع بالقول كأنه قيل : فلا تخضعن بالقول فلا يطمع الذي في قلبه مرض وقال أبو عمرو الداني : قرأ الأعرج وعيسى فيطمع بفتح الياء وكسر الميم ونقلها إبن خالويه عن أبي السمال قال : وقد روى ذلك عن إبن محيصن وذكر أن الأعرج وهو إبن هرمز قرأ فيطمع بضم الياء وفتح العين وكسر الميم أي فيطمع هو أي الخضوع بالقول و الذي مفعول أو الذي فاعل والمفعول محذوف أي فيطمع الذي في قلبه مرض نفسه وقلن قولا معروفا 23 حسنا بعيدا عن الريبة غير مطمع لأحد وقال الكلبي : أي صحيحا بلا هجر ولا تمريض وقال الضحاك : عنيفا وقيل أي قولا أذن لكم فيه وقيل ذكر الله تعالى وما يحتاج إليه من الكلام وقرن في بيوتكن من قريقر من باب علم أصله أقررن فحذفت الراء الأولى وألقيت فتحتها على ما قبلها وحذفت الهمزة للإستغناء عنها بتحرك القاف
وذكر أبو الفتح الهمداني في كتاب التبيان وجها آخر قال : قاريقار إذا أجتمع ومنه القارة لإجتماعها ألا ترى إلى قول عضل والديش : أجتمعوا فكونوا قارة فالمعنى وأجمعن أنفسكن في البيوت
وقرأ الأكثر وقرن بكسر القاف من وقريقر وقارا إذا سكن وثبت وأصله أو قرن ففعل به ما فعل بعدن منوعد أو من قريقر المضاعف من باب ضرب وأصله أقررن حذفت الراء الأولى وأليقت كسرتها إلى القاف وحذفت الهمزة للإستغناء عنها وقال مكي وأبو علي : أبدلت الراء التي هي عين الفعل ياء كراهة التضعيف ثم نقلت حركتها إلى القاف ثم حذفت لكونها وسكون الراء بعدها وسقطت الهمزة لتحرك القاف وهذا غاية في التمحل وفي البحران قررت وقررت بالفتح والكسر كلاهما من القرار في المكان بمعنى الثبوت فيه وقد حكى ذلك أبو عبيدة والزجاح وغيرهما وأنكر قوم منهم المازني مجيء قررت في المكان بالكسر أقر بالفتح وإنما جاء قرت عينه بالكسر في الماضي والفتح في المضارع والمثبت مقدم على النافي
وقرأ إبن أبي عبلة وأقرنن بألف الوصل وكسر الراء الأولى والمراد على جميع القراءات أمرهن رضي الله تعالى عنهن بملازمة البيوت وهو أمر مطلوب من سائر النساء أخرج الترمذي والبزار عن إبن مسعود عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : إن المرأة عورة فإذا خرجت من بيتها أستشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها
وأخرج البزار عن أنس قال جئن النساء إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقلن : يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله تعالى فهل لنا عمل ندرك به فضل المجاهدين في سبيل الله تعالى فقال عليه الصلاة و السلام : من قعدت منكن في بيتها فإنها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله تعالى وقد يحرم عليهن الخروج بل قد يكون كبيرة كخروجهن لزيارة القبور إذا عظمت مفسدته وخروجهن ولو إلى المسجد وقد أستعطرن وتزين إذا تحققت الفتنة أما إذا ظنت فهو حرام غير كبيرة وما يجوز من الخروج كالخروج للحج وزيارة الوالدين وعيادة المرضى وتعزية الأموات من الأقارب ونحو ذلك فإنما يجوز بشروط مذكورة في محلها
وظاهر إضافة البيوت إلى ضمير النساء المطهرات أنها كانت ملكهن وقد صرح بذلك الحافظ غلام محمد الأسلمي نور الله تعالى صريحه في التحفة الأثني عشرية وذكر فيها أنه عليه الصلاة و السلام بنى كل حجرة لمن سكن

الصفحة 6