كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

وحسده لحب بني إسرائيل له وكان هرون أكف عنهم وألين لهم وكان في موسى بعض الغلظة عليهم فلما بلغه ذلك قال : ويحكم إنه كان أخي أفتروني أقتله فلما أكثروا عليه قام فصلى ركعتين ثم دعا الله تعالى فنزل بالسرير حتى نظروا إليه بين السماء والأرض فصدقوه وقيل : ما نسبوه إليه عليه السلام من الزنا وحاشاه روى أن قارون أغرى مومسة على قذفه عليه السلام بنفسها ودفع إليها مالا عظيما فأقرت بالمصانعة الجارية بينها وبين قارون وفعل به ما فعل كما فصل في سورة القصص ويبعد هذا القول تبعيدا ما جمع الموصول وقيل : ما نسبوا إليه من السحر والجنون وقيل : ما حكى عنهم في القرآن من قولهم أذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون وقولهم لن نصبر على طعام واحد وقولهم لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة إلى غير ذلك ويمكن حمل ما قالوا على جميع ما ذكر
وكان عند الله وجيها 96 أي كان ذا جاه ومنزلة عنده عزوجل وفي معناه قول قطرب : كان رفيع القدر ونحوه قول إبن زيد : كان مقبولا وأخرج إبن أبي حاتم عن الحسن أنه قال وجيها مستجاب الدعوة وزاد بعضهم ما سأل شيئا إلا أعطى إلا الرؤية في الدنيا ولا يخفى أن إستجابة الدعوة من فروع رفعة القدر وقيل : وجاهته عليه السلام أن الله تعالى كلمه ولقب كليم الله وقرأ إبن مسعود والأعمش وأبو حيوة عبدا من العبودة لله بلام الجر فيكون عبدا خبر كان ووجيها صفة له وهي قراءة شاذة وفي صحة القراءة بالشواذ كلام
قال إبن خالويه : صليت خلف إبن شنبوذ في شهر رمضان فسمعته يقرأ وكان عبدالله على قراءة إبن مسعود ولعل إبن شنبوذ ممن يرى صحة القراءة بها مطلقا ويحتمل مثل ذلك في إبن خالويه وإلا فقد قال الطيبي : قال صاحب الروضة : وتصح بالقراءة الشاذة إن لم يكن فيها تغيير معنى ولا زيادة حرف ولا نقصان وههنا بين المعنيين : وأن كما يشير إليه كلام الزمخشري ونحوه عن إبن جني ياأيها الذين آمنوا أتقوا الله في كل ما تأتون وتذرون لا سيما في إرتكاب ما يكرهه تعالى فضلا عما يؤذي رسوله وحبيبه صلى الله تعالى عليه وسلم وقولوا في كل شأن من الشؤن قولا سديدا 07 قاصدا ومتوجها إلى هدف الحق من سديد بكسر السين سدادا بفتحها يقال سدد سهمه إذا وجهه للغرض المرمي ولم يعدل به عن سمته والمراد على ما قيل نهيهم عن ضد هذا القول وهو القول الذي ليس بسديد ويدخل فيه ما صدر منهم في قصة زينب من القول الجائر عن العدل والقصد وكذا كل قول يؤذيه عليه الصلاة و السلام وعن مقاتل وقتادة أن المعنى وقولوا قولا سديدا في شأن الرسول عليه الصلاة و السلام وزيد وزينب وعن إبن عباس وعكرمة تخصيص القول السديد بلا إله إلا الله وقيل : هو ما يوافق ظاهره باطنه وقيل : ما فيه إصلاح ولعل ما أشرنا إليه هو الأولى يصلح لكم أعمالكم بالقبول والإثابة عليها على ما روى عن إبن عباس ومقاتل وقيل إصلاح الأعمال التوفيق في المجيء بها صالحة مرضية
ويغفر لكم ذنوبكم ويجعلها مكفرة بإستقامتكم في القول والعمل ومن يطع الله ورسوله في الأوامر والنواهي التي من جملتها ما تضمنته هذه الآيات فقد فاز في الدارين فوزا عظيما 17 لا يقادر قدره ولا تبلغ غايته
قال في الكشاف وهذه الأية يعني ياأيها الذين آمنوا أتقوا الله إلى آخرها مقررة للتي قبلها بنيت تلك على النهي عما يوذي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهذه على الأمر بإتقاء الله تعالى في حفظ اللسان ليترادف عليهم النهي والأمر مع إتباع النهي ما يتضمن الوعيد من قصة موسى عليه السلام لأن وصفه بوجاهته عند الله

الصفحة 95