كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)
واستدل على أنه سيسقم بما استدل ولعل نظره كان في طالع الوقت أو نحوه أو طالع ولادته أو طالع سقوط النطفة التي خلق منها والعلم به بالوحي أو بواسطة العلم بطالع الولادة والإعتراض على ذلك بأنه يلزم عليه تقويته عليه السلام ما هم عليه من الباطل في أمر النجوم وارد أيضا على حمل ما في الآية على التعريض والجواب هو الجواب هذا وإذا أحطت خبرا بجميع ما ذكرت لك في هذا المقام فأحسن التأمل فيما تضمنه من النقض والإبرام وقد جمعت لك ما لم أعلم أنه جمع في تفسير ولا أبريء نفسي عن الخطأ والسهو والتقصير والله سبحانه ولي التوفيق وبيده عز و جل أزمة التحقيق وقوله تعالى فتولوا عنه مدبرين
90
- تفريع على قوله عليه السلام إني سقيم أي أعرضوا وتركوا قربه والمراد أنهم ذهبوا إلى معيدهم وتركوه و مدبرين إما حال مؤكدة أو حال مقيدة بناء على أن المراد بسقيم مطعون أو أنهم توهموا مرضا له عدوى مرض الطاعون أو غيره فإن المرض الذي له عدوى بزعم الأطباء لا يختص بمرض الطاعون فكأنه قيل : فأعرضوا عنه هاربين مخافة العدوى فراغ إلى آلهتهم فذهب بخفية إلى أصنامهم التي يعبدونها وأصل الروغان ميل الشخص في جانب ليخدع من خلفه فتجوز به عما ذكر لأنه المناسب هنا فقال للأصنام استهزاء ألا تأكلون
91
- من الطعام الذي عندكم وكان المشركون يضعون في أيام أعيادهم طعاما لدى الأصنام لتبرك عليه وأتى بضمير العقلاء لمعاملته عليه إياهم معاملتهم مالكم لا تنطقون
92
- بجوابي فراغ عليهم فمال مستعليا عليهم وقوله تعالى ضربا مصدر لراغ عليهم باعتبار المعنى فإن أراد منه ضربهم أو لفعل مضمر هو مع فاعله حال من فاعله أي فراغ عليهم يضربهم ضربا أو هو حال منه على أنه مصدر بمعنى الفاعل أي ضاربا أو مفعول له أي لأجل ضرب وقرأ الحسن سفقا صفقا أيضا باليمين
93
- أي باليد اليمين كما روي عن ابن عباس وتقييد الضرب باليمين للدلالة على شدته وقوته لأن اليمين أقوى الجارحتين وأشدهما في الغالب وقوة الآلة تقتضي شدة الفعل وقوته أو بالقوة على أن اليمين مجاز عنها
روي أنه عليه السلام كان يجمع يديه في الآلة التي يضربها بها وهي الفأس فيضربها بكمال قوته وقيل المراد بلاليمين الحلف وسمي الحلف يمينا إما لأن العادة كانت إذا حلف شخص لآخر جعل يمينه بيمينه فحلف أو لأن الحلف يقوي الكلام ويؤكده وأريد باليمين قوله عليه السلام تالله لأكيدن أصنامكم والباء عليه للسببية أي ضربا بسبب اليمين الذي حلفه قبل وهي على ما تقدم للإستعانة أو للملابسة فأقبلوا إليه أي إلى إبراهيم عليه السلام بعد رجوعهم من عيدهم وسؤالهم عن الكاسر وقولهم فأتوا به على أعين الناس يزفون
94
- حال من واو أقبلوا أي يسرعون من زف النعام أسرع لخطه الطيران بالمشي ومصدره الزف والزفيف وقيل يزفون أي يمشون على تؤدة ومهل من زفاف العروس إذ كانوا في طمأنينة من أن ينال أصنامهم بشيء لعزتها وليس بشيء
وقرأ حمزة ومجاهد وابن وثاب والأعمش يزفون بضم الياء من أزف دخل في الزفيف فالهمزة ليست للتعدية أو حمل غيره على الزفيف فهي لها قاله الأصمعي وقرأ مجاهد أيضا وعبد الله بن يزيد والضحاك