كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)

استعمالا وهي أنسب بالسياق اليابق على أنه لا بد من تقدير عملهم في المنحوت فيزداد الحذف
واعترض بأنا لا نسلم الأكثرية وكذا لا نسلم أنها أنسب بالسياق لما سمعت منأن الأسلوب على ذلك من باب الكناية وهو أبلغ من الصريح والتقدير المذكور ليس بلازم لجواز إبقاء الكلام على عمومه الشامل للمنحوت بالطريق الأولى أو يقدر بمصدر مضاف إضافة عهدية وبعضهم جعلها موصولة كناية عن العمل لئلا ينفك النظم ويظهر احتجاج الأصحاب على خلق أفعال العباد وتعقبه أيضا بأنه أفسد من الأول لما فيه من التعقيد وفوات الإحتجاج وكون الموصول في الأول عبارة عن الأعيان وفي الثاني كناية عن المعاني وانفكاك النظم ليس لخصوص الموصولية والمصدرية بل لتباين المعنيين وهو باق وصاحب الإنتصاف قال بتعين حملها على المصدرية لأنهم لم يعبدوا الأصنام من حيث كونها حجارة وإنما عبدوها من حيث أشكالها فهم في الحقيقة إنما عبدوا عملهم وبذلك تبتلج الحجة عليهم بأنهم وعملهم مخلوقان لله تعالى فكيف يعبد المخلوق مخلوقا مثله مع أن المعبود كسب العابد وعمله وأجاب عن حديث لزوم انفكاك النظم بأن لنا أن نحمل الأولى على المصدرية أيضا فإنهم في الحقيقة إنما عبدوا نحتهم وفي دعوى التعين بحث وجوز كون ما الثانية استفهامية للإنكار والتحقير أي وأي شيء تعملون في عبادتكم أصناما نحتموها أي لا عمل لكم يعتبر وكونها نافية أي وما أنتم تعملون شيئا في وقت خلقكم ولا تقدرون على شيء ولا يخفى أن كلا الإحتمالين خلاف الظاهر بل لا ينبغي أن يحمل عليه التنزيل وأظهر الوجوه كونها موصولة وتوجيه ذلك على ما يقوله الأصحاب ثم كونها مصدرية والإستدلال بالآية عليه ظاهر وقول صاحب الكشف : والإنصاف أن استدلال الأصحاب بهذه الآية لا يتم أن أراد به ترجيح احتجاج المعتزلة خارج عن دائرة الإنصاف ثم إنها على تقدير أن لا تكون دليلا لهم لا تكون دليلا للمعتزلة أيضا كما لا يخفى على المنصف هذا ولما غلبهم إبراهيم عليه السلام بالحجة مالوا إلى الغلبة بقوة الشوكة قالوا ابنوا له بنيانا حائطا توقدون فيه النار وقيل : منجنيقا
فألقوه في الجحيم
97
- في النار الشديدة من الجحمة وهي شدة التأجج والإتقاد واللام بدل عن المضاف إليه أو للعهد والمراد جحيم ذلك البنيان التي هي فيه أو عنده فأرادوا به كيدا سوأ باحتيال فإنه عليه السلام لما قهرهم بالحجة قصدوا تعذيبه بذلك لئلا يظهر للعامة عجزهم فجعلناهم الأسفلين
98
- الأذلين بإبطال كيدهم وجعلخ برهانا ظاهرا ظهور نار القرى ليلا على علم على علو شأنه عليه السلام حيث جعل سبحانه النار عليه بردا وسلاما وقيل : أي الهالكين وقيل : أي المعذبين في الدرك الأسفل من النار والأول أنسب
وقال إني ذاهب إلى ربي إلى حيث أمرني أو حيث أتجرد فيه لعبادته عز و جل جعل الذهاب إلى المكان الذي أمره ربه تعالى بالذهاب إليه ذهابا إليه وكذا الذهاب إلى مكان يعبده تعالى فيه لا أن الكلام بتقدير مضاف والمراد بذلك المكان الشام وقيل مصر وكأن المراد إظهار السأس من إيمانهم وكراهة البقاء معهم أي إني نفارقكم ومهاجر منكم إلى ربي سيهدين
99
- إلى ما فيه صلاح ديني أو إلى مقصدي
والسين لتأكيد الوقوع في المستقبل لأنها في مقابلة لن المؤكد للنفي كما ذكره سيبويه وبت عليه السلام القول لسبق وعده تعالى إياه بالهداية لما أمره سبحانه بالذهاب أو لفرط توكله عليه السلام أو للبناء على عادته تعالى معه

الصفحة 126