كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)
الذي يذم مرتكبه فيرد عليه قوله تعالى فذرهم وما كانوا يفترون وقوله سبحانه وذروا ما بقي من الربا إلى غير ذلك وفيه تأمل الثامن أن يدع أخص من يذر لأنه بمعنى ترك الشيء مع اعتناء به بشهادة الإشتقاق نحو الإيداع فإنه ترك الوديعة مع الإعتناء بحالها ولهذا يختار لها من هو مؤتمن علها ونحوه موادعة الأحباب وأما يذر فمعناه الترك مطلقا أو مع الإعراض والرفض الكلي قال الراغب يقال فلان يذر الشيء أي يقذفه لقلة الأعتداد به ومنه الوذر وهو ما سمعت آنفا ولا شك أن السياق إنما يناسب هذا دون الأول إذ المراد تبشيع حالهم في الإعراض عن ربهم وهو قريب من سابقه لكنه سالم عن بعض ما فيه التاسع أن في ما تدعون بفتح التاء والدال ثقلا ما لا يخفى على ذي الذوق السليم والطبع المستقيم وتذرون سالم عنه فلذا اختير عليه فتأمل والله تعالى أعلم وقد أشار سبحانه وتعالى بقوله أحسن الخالقين إلى المقتضى للإنكار المعنى بالعمز وصرح للإعتناء بشأنه في قوله تعالى : الله ربكم ورب آبائكم الأولين
126
- بالنصب على البدلية من أحسن الخالقين قال أبو حيان : ويجوز كون ذاك عطف بيان إن قلنا إن إضافة أفعل التفضيل محضة وقرأ غير واحد من السبعة بالرفع على أن الإسم الجليل مبتدأ و ربكم خبره أو هو خبر مبتدأ محذوف وربكم عطف بيان أو بدل منه وروي عن حمزة أنه إذا وصل نصب وإذا وقف رفع والتعرض لذكر ربوبيته تعالى لآبائهم الأولين لتأكلد إنكار تركهم إياه تعالى والإشعار ببطلان آراء آبائهم أيضا فكذبوه فيما تضمنه كلامه من إيجاب الله تعالى التوحيد وتحريمه سبحانه الإشراك وتعذيبه تعالى عليه وجوز أن يكون تكذيبهم راجعا إلى ما تضمنه قوله الله ربكم فأنهم بسبب ذلك لمحضرون
127
- أي في العذاب وإنما أطلقه اكتفاء بالقرينة أولا لأن الإحضار المطلق مخصوص بالشر في العرف العام أو حيث استعمل في القرآن لإشعاره بالجبر إلا عباد الله المخلصين
128
- استثناء متصل من الواو في كذبوه فيدل على أن من قومه مخلصين لم يكذبوه ومنه كونه استثناء من ضمير محضرون لأنه للمكذبين فإذا استثنى منه اقتضى أنهم كذبوه ولم يحضروا وفساده ظاهر وقيل : لأنه إذا لم يستثن من ضمير كذبوا كانوا كلهم مكذبين فليس فيهم مخلص فضلا عن مخلصين ومآله ما ذكر لكن اعترضه ابن كمال بأنه لا فساد فيه لأن استثناءهم من القوم المحضرين لعدم تكذيبهم على ما دل عليه التوصيف بالمخلصين لا من المكذبين فمآل المعنى واحد
ورد بأن ضمير محضرين للقوم كضمير كذبوا وقال الخفاجي : لا يخفى أن اختصاص الإحضار بالعذاب كما صرح به غير واحد يعين كون ضمير محضرين للمكذبين لا لمطلق القوم فإن لم يسلمه فهو أمر آخر وفي البحر ولا يناسب أن يكون استثناء منقطعا إذ يصير المعنى لكن عباد الله المخلصين من غير قومه لا يحضرون في العذاب وفيه بحث
وتركنا عليه في الآخرين
129
- سلان على آل ياسين
130
- إنا كذلك نجزي المحسنين
131
- أنه من عبادنا المؤمنين
132
- الكلام فيه كما في نظيره بيد أنه يقال ههنا إن آل ياسين لغة في الياس وكثيرا ما يتصرفون في الأسماء الغير العربية وفي الكشاف لعل لزيادة الياء والنون معنى في اللغة السريانية ومن هذا الباب سيناء وسينين واختار هذه اللغة هنا رعاية للفواصل وقيل : هو جمع إلياس على طريق التغليب بإطلاعه على قومه وأتباعه كالمهلبين للمهلب وقومه
وضعف بما ذكره النحاة من أن العلم إذا جمع أو ثنى وجب تعريفه باللام جبرا لما فاته من العلمية ولا فرق فيه بين ما فيه تغليب وبين فيره منا صرح به ابن الحاجب في شرح المفصل لكن هذا غير متفق عليه قال ابن يعيش