كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)
فإنه ضعيف والزيادة على ما روي عن ابن عباس ثلاثون ألفا وفي أخرى عنه بضعة وثلاثون ألفا وفي أخرى بضعة وأربعون ألفا وعن نوف وابن جبير سبعون ألفا وأخرج الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قول الله تعالى وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون قال : يزيدون عشرين ألفا وإذا صح هذا الخبر بطل ما سواه
فمتعناهم بالحياة إلى حين
148
- إلى آجالهم المسماة في الأزل قاله قتادة والسدي وزعم بعضهم أن تمتيعهم بالحياة إلى زمان المهدي وهم إذا ظهر من أنصاره فهم اليوم أحياء في الجبال والقفار لا يراهم كل أحد كالمهدي عند الإمامية والخضر عند بعض العلماء والصوفية وربما يكشف لبعض الناس فيرى أحدا منهم وهو كذب مفترى ولعل عدم ختم هذه القصة والقصة التي قبلها بنحو ما ختم به سائر القصص من قوله تعالى وتركنا عليه في الآخرين سلام الخ تفرقة بين شأن لوط ويونس عليهما السلام وشأن أصحاب الشرائع الكبر وأولي العزم من المرسلين مع الأكتفاء فيهما بالتسليم الشامل لكل الرسل المذكور في آخر السورة ولتأخرهما في الذكر قربا منه والله تعالى أعلم
والمذكور في شأن يونس عليه السلام في كتب أهل الكتاب أن الله عز و جل أمره بالذهاب إلى دعوة أهل نينوى وكانت إذ ذاك عظيمة جدا لا تقطع إلا في نحو ثلاثة أيام وكانوا قد عظم شرهم وكثر فسادهم فاستعظم الأمر وهرب إلى ترسيس فجاء يا فا فوجد سفينة يريد أهلها الذهاب بها إلى ترسيس فاستأجر وأعطى الأجرة وركب السفينة فهاجب ريح عظيمة وكثرت الأمواج وأشرفت على الغرق ففزع الملاحون ورموا في البحر بعض الأمتعة لتخف السفينة وعند ذلك نزل يونس إلى بطن السفينة ونام حتى علا نفسه فتقدم إليه الرئيس فقال له : ما بالك نائما قم وادع إلهك لعله يخلصنا مما نحن فيه ولا يهلكنا وقال بعضهم لبعض : تعالوا نتقارع لنعرف من أصابنا هذا الشر بسببه فتقارعوا فوقعت القرعة على يونس فقالوا له : أخبرنا ماذا عملت ومن أين أتيت وإلى أين تمضي ومن أي كورة أنت ومن أي شعب أنت فقال لهم : أنا عبد الرب إله السماء خالق البر والبحر وأخبرهم خبره فخافوا خوفا عظيما وقالوا له : لم صنعت ما صنعت يلومونه على ذلك ثم قالوا له : ما نصنع الآن بك ليسكن البحر عنا فقال : ألقوني في البحر يسكن فإنه من أجلى صار هذا الموج العظيم فجهد الرجال أن يردوها إلى البر فلم يستطيعوا فأخذوا يونس وألقوه في البحر لنجاة جميع من في السفينة فسكن البحر وأمر الله تعالى حوتا عظيما فابتلعه فبقي في بطنه ثلاثة أيام وثلاث ليال وصلى في بطنه إلى ربه واستغاث به فأمر سبحانه الحوت فألقاه إلى اليبس ثم قال عز و جل له : قم وامض إلى نينوى وناد في أهلها كما أمرتك من قبل فمضى عليه السلام ونادى وقال : تخسف نينوى بعد ثلاثة أيام فآمنت رجال نينوى بالله تعالى ونادوا بالصيام ولبسوا المسوح جميعا ووصل الخبر إلى الملك فقام على كرسيه ونزع حلته ولبس مسحا وجلس على الرماد ونودي أن لا يذق أحد من الناس والبهائم طعاما ولا شرابا وجأروا إلى الله تعالى ورجعوا عن الشر والظلم فرحمهم الله تعالى فلم ينزل بهم العذاب فحزن يونس وقال : إلهي من هذا هربت فإني علمت أنك الرحيم الرؤف الصبور التواب يا رسول الله ب خذ نفسي فالموت خير لي من الحياة فقال : يا يونس حزنت من هذا جدا فقال : نعم يا رب وخرج يونس وجلس مقابل المدينة وصنع له هناك مظلة وجلس تحتها إلى أن يرى ما يكون في المدينة