كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن الوليد بن عبد الله بن مغيث قال : كانوا لا يصفون في الصلاة حتى نزلت وإنا لنحن الصافون وأخرج مسلم عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت الأرض لنا مسجدا وجعلت لنا تربتها طهورا إذا لم نجد الماء وأخرج هو أيضا وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم وهذه الأخبار ونحوها ترجع التفسير الأول
وإنا لنحن المسبحون
166
- أي المنزهون الله تعالى عما لا يليق به سبحانه ويدخل فيه ما نسبه إليه تعالى الكفرة وقيل : أي القائلون سبحان الله
وأخرج عبد بن حميد وغيره عن قتادة أنه قال : المسبحون أي المصلون ويقتضيه ما روي عن ابن عباس أن كل تسبيح في القرآن بمعنى الصلاة والظاهر ما تقدم ولعل الأول إشارة إلى مزيد أدبهم الظاهر مع ربهم عز و جل والثاني إشارة إلى كمال عرفانهم به سبحانه وقال ناصر الدين : لعل الأول إشارة إلى درجاتهم في الطاعة وهذا في المعارف وما في أن واللام وتوسيط الفصل من التأكيد والإختصاص لأنهم المواظبون على ذلك دائما من غير فترة واخواص البشر لا تخلو من الإشتغال بالمعاش ولعل الكلام لا يخلو عن تعريض بالكفرة والظاهر أن الآيات الثلاث أعني قوله تعالى وما منا إلى هنا نزلت أخواتها
وعن هبة الله المفسر أنها نزلت لا في الأرض ولا في السماء وعد معها آيتين من آخر سورة البقرة وآية من الزخرف واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا الآية قال ابن العربي : ولعله أراد في القضاء بين السماء والأرض
قال الجلال السيوطي : لم أقف على مستند لما ذكره إلا آخر البقرة فيمكن أن يستدل له بما أخرجه مسلم عن ابن مسعود لما أسرى برسول الله صلى الله عليه و سلم انتهى إلى سدرة المنهى الحديث وفيه فأعطى الصلوات الخمس وأعطى خواتيم سورة البقرة وغفر لمن لا يشرك من أمته بالله شيئا المقحمات فلا تغفل وإن كانوا ليقولون
167
- إم هي المخففة واللام هي الفارقة والضمير لكفار قريش كانوا يقولون قبل مبعث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لو أن عندنا ذكرا من الأولين
168
- أي كتابا من جنس الكتب التي نزلت عليهم ومثلها في كونه من عند الله تعالى : لكنا عباد الله المخلصين
169
- لأخلصنا العبادة له تعالى ولكنا أهدى منهم والفاء في قوله تعالى : فكفروا به فصيحة مثلها في قوله تعالى فاضرب بعصاك الحجر فانفلق أي فجاءهم ذكر وأي ذكر سيد الأذكار وكتاب مهيمن على سائر الكتب والأخبار فكفروا به فسوف يعلمون
170
- أي عاقبة كفرهم وما يحل بهم من الإنتقام وقيل أريد بالذكر العلم أي لو أن عندنا علما من الذين تقدمونا وما فعل الله تعالى بهم بعد أن ماتوا هل أثابهم أم عذبهم لأخلصنا العبادة له تعالى فجاءهم ذلك في القرآن العظيم فكفروا به ولا يخفى بعده
ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين
171
- استئناف مقرر للوعيد وتصديره بالقسم لغاية الإعتناء بتحقيق مضمونه أي وبالله لقد سبق وعدنا لهم بالنصرة والغلبة وهو قوله تعالى : إنهم لهم المنصورون
172
- وإن جندنا لهم الغالبون
173
- فيكون تفسيرا أو بدلا من كلمتنا وجوز أن يكون مستأنفا والوعد ما في محل آخر من قوله تعالى لأغلبن أنا ورسلي والأول أظهر والمراد بالجند اتباع المرسلين وأضافهم

الصفحة 155