كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)
عنه بالمبشرات في حق النائم غير أن الولي يشترك مع النبي في إدراك ما تدركه العامة في النوم في حال اليقظة فهؤلاء في هذه الأمة كالأنبياء في بني إسرائيل على مرتبة تعبد هارون بشريعة موسى مع كونه نبيا وهم الذين يحفظون الشريعة الصحيحة التي لا شك فيها على أنفسهم وعلى هذه الأمة فهم أعلم الناس بالشرع غير أن غالب علماء الشريعة لا يسلمون لهم ذلك وهم لا يلزمهم إقامة الدليل على صدقهم ليسوا مشرعين فهم حفاظ الحال النبوي والعلم اللدني والسر إلا لهي وغيرهم حفاظ الأحكام الظاهرة وقد بسطنا الكلام على ذلك في الميزان أه وقال بعيد هذا في رسالته المذكورة : أعلم أن بعض العلماء أنكروا نزول الملك على قلب غير النبي صلى الله عليه و سلم لعدم ذوقه له والحق أنه ينزل ولكن بشريعة نبيه صلى الله عليه و سلم فالخلاف إنما ينبغي أن يكون فيما ينزل به الملك لا في نزول الملك وإذا نزل على غير نبي لا يظهر له حال الكلام أبدا إنما يسمع كلامه ولا يرى شخصه أو يرى شخصه من غير كلام فلا يجمع بين الكلام والرؤية إلا نبي والسلام أه وقد تقدم لك طرف من الكلام في رؤية الملك فتذكر إن إلهم لواحد إخبار بذلك ليعلمون ولا يتخذوا من دونه تعالى آلهة من الدنيا والهوى والشيطان ومعنى كونه عز و جل واحدا تفرده في الذات والصفات والأفعال وعدم شركة أحد معه سبحانه في شيء من الأشياء وطبقوا أكثر الآيات بعد على ما في الأنفس وقيل في قوله تعالى : وقفوهم إنهم مسؤلون فيه إشارة إلى أن للسالك في كل مقام وقفة تناسب ذلك المقام وهو مسؤل عن أداء حقوق ذلك المقام فإن خرج عن عهدة جوابه أذن له بالعبور وإلا بقي موقوفا رهينا بأحواله إلى أن يؤدي حقوقه وكذا طبقوا ما جاء من قصص المرسلين بعد على ما في الأنفس وقيل في قوله تعالى : وما منا إلا له مقام معلوم يشير إلى أن الملك لا يتعدى مقامه إلى ما فوقه ولا يهبط عنه إلى ما دونه وهذا بخلاف نوع الإنسان فإن من أفراده من سار إلى مقام قاب قوسين بل طار إلى منزل أو أدنى وجر هناك مطارف فأوحى إلى عبده ما أوحى ومنها من هوى إلى أسفل سافلين وانحط إلى قعر سجين واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين وقد ذكروا أن الإنسان قد يترقى حتى يصل إلى مقام الملك فيعبره إلى مقام قرب النوافل ومقام قرب الفرائض وقد يهبط إلى درك البهيمة فما دونها أولئك كالأنعام بل هم أضل نسأل الله تعالى أن يرقينا إلى مقام يرضاه ويرزقنا رضاه يوم لقاه وأن يجعلنا من جنده الغالبين وعباده المخلصين بحرمة سيد المرسلين صلى الله عليه و سلم وعلى آله وصحبه أجمعين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
سورة ص
مكية كما روي عن ابن عباس وغيره وقيل مدنية وليس بصحيح كما قال الداني وهي ثمان وثمانون آية في الكوفي وست وثمانون في الحجازي والبصري والشامي وخمس وثمانون في عد أيوب بن المتوكل وحده قيل ولم يقل أحد إن
ص وحدها آية كما قيل في غيرها من الحروف في أوائل السور وفيه بحث وهي كالمتممة لما قبلها من حيث أنه ذكر فيها ما لم يذكر في تلك من الأنبياء عليهم السلام كداود وسليمان ولما ذكر سبحانه فيما قبل عن الكفار أنهم قالوا لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين وأنهم كفروا بالذكر لما جاءهم بدأ عز و جل في هذه السورة بالقرآن ذي الذكر وفصل ما اجمل هناك من كفرهم وفي ذلك من المناسبة ما فيه ومن دقق النظر لاح مناسبات أخر والله تعالى الموفق