كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)
بسم الله الرحمن الرحيم ص بالسكون على الوقف عند الجمهور وقرأ أبي والحسن وابن أبي إسحاق وأبو السمال وابن أبي عبلة ونصر بن عاصم صاد بكسر الدال والظاهر أنه كسر لالتقاء الساكنين وهو حرف من حروف المعجم نحو ق و ن
وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه أمر من صادي أي عارض ومنه الصدى وهو ما يعارض الصوت الأول ويقابله بمثله في الأماكن الخالية والأجسام الصلبة العالية والمعنى عارض القرآن بعملك أي اعمل بأوامره نواهيه وقال عبد الوهاب : أي أعرضه عن عملك فانظر أين عملك من القرآن وقيل هو أمر من صادي أي حادث والمعنى حادث القرآن وهو رواية عن الحس أيضا وله قرب من الأول وقرأ عيسى ومحبوب عن أبي عمرو وفرقة صاد بفتح الدال وكذا قرؤا قاف ونون بالفتح فيهما فقيل هو لالتقاء الساكنين أيضا طلبا للخفة وقيل هو حركو إراب على أن صاد منصوب بفعل مضمر أي اذكر أو اقرأ صاد أو بفعل القسم بعد نزع الخافض لما فيه من معنى التعظيم المتعدي بنفسه نحو الله لأفعلن أو مجرور بإضمار حرف القسم وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث بناء على أنه علم للسورة وقد ذكر الشريف أنه إذا اشتهر مسمى بإطلاق لفظ عليه يلاحظ المسمى في ضمن ذلك اللفظ وأنه بهذا الإعتبار يصح اعتبار التأنيث في الاسم وقرأ ابن أبي إسحاق في رواية صاد بالجر والتنوين وذلك إما لأن الثلاثي الساكن الوسط يجوز صرفه بل قيل إنه الأرجح وإما لاعتبار ذلك اسما للقرآن كما هو أحد الإحتمالات فيه فلم يتحقق فيه العلتان فوجب صرفه والقول بأن ذاك لكونه علما لمعنى السورة لا للفظها فلا تأنيث فيه مع العلمية ليكون هناك علتان لا يخلو عن دغدغة وقرأ ابن السمقيع وهارون الأعور والحسن في رواية صاد بضم الدال وكأنه اعتبر اسما للسورة وجعل خبر مبتدأ محذوف أي هذه صاد ولهم في معناه غير متقيدين بقراءة الجمهور اختلاف كإضرابه من أوائل السور فأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال : سئل جابر بن عبد الله وابن عباس عن ص فقالا : ما ندري ما هو وهو مذهب كثير في نظائره وقال عكرمة : سئل نافع بن الأزرق عبد الله بن عباس عن
ص فقال :
ص كان بحرا بمكة وكان عليه عرش الرحمن إذ لا ليل ولا نهار
وقال ابن جبير : هو بحر يحيي الله تعالى به الموتى بين النفختين والله تعالى أعلم بصحة هذين الخبرين
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال صلى الله عليه و سلم صدق الله وأخرج ابن مردويه عنه أنه قال ص يقول إني أنا الله الصادق وقال محمد بن كعب القرظي : هو مفتاح أسماء الله تعالى صمد وصانع المصنوعات وصادق الوعد
وقيل هو إشارة إلى صدود الكفار عن القرآن وقيل حرف مسرود على منهاج التحدي وجنح إليه غير واحد من أرباب التحقيق وقيل اسم للسورة وإليه ذهب الخليل وسبويه والأكثرون وقيل اسم للقرآن وقيل غير ذلك باعتبار بعض القراآت كما سمعت عن قريب ومن الغريب أن صاد محمد صلى الله عليه و سلم قلوب الخلق واستمالها حتى آمنوا به ولعل القائل به اعتبروه فعلا ماضيا مفتوح الآخر أو ساكنه للوقف وأنا لا أقول به ولا أرتضيه وجها وهو على بعض هذه الأوجه لاحظ له من الإعراب وعلى بعضها يجوز أن يكون مقسما به ومفعولا لمضمر وخبر مبتدأ محذوف وعلى بعضها يتعين كونه مقسما به وعلى بعض ما تقدم في القراءات يتأتى ما يتأتى مما لا يخفى عليك وبالجملة أن لم يعتبر مقسما به فالواو في قوله سبحانه والقرآن ذي الذكر
1
- للقسم وأن اعتبر