كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)

بها رواه الدارقطني أيضا وقال الشيخ الحافظ أبو الفضل بن حجر : إنه لم يثبت ذلك في خبر صحيح وفي الأخبار ما يعكر على القول به وذكر أن أقلها ركعتان لخبر البخاري عن أبي هريرة أنه عليه الصلاة و السلام أوصاه بهما وأن لا يدعهما وأدنى كمالها أربع لما صح كان صلى الله تعالى عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء فست عثمان وأكثرها اثنتا عشرة ركعة لخبر ضعيف يعمل به في مثل ذلك وذهب الكثير إلى أن الأكثر ثمان
وذكروا أنها من اثنتي عشرة والعمل القليل قد يفضل الكثير فما يقتضيه أجرك على قدر نصبك أغلبي
وصرح ابن حجر الهيتمي عليه الرحمة بالمغايرة بين صلاة الضحى وصلاة الإشراق قال : ومما لا يسن جماعة ركعتان عقب الإشراق بعد خروج وقت الكراهة وهي غير الضحى واقدم لك ما يفيد اتحادهما ويدل عليه غير ذلك من الأخبار وصحخ إطلاق صلاة الأوابين على صلاة الضحى كإطلاقها على الصلاة المعروفة بعد المغرب هذا وتمام الكلام فيها في كتب الفقه والحديث والطير عطف على الجبال على ما هو الظاهر
محشورة حال من الطير والعامل سخرنا الطير حال كونها محشورة عن ابن عباس كان عليه السلام إذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح واجتمعت إليه الطير فسبحت وذلك حشرها ولم يؤت بالحال فعلا مضارعا كالحال السابقة ليدل على الحشر الدفعي الذي هو أدل القدرة وذلك بتوسط مقابلته للفعل أو لأن الدفعية هي الأصل عند عدم القرينة على خلافها
وقرأ ابن أبي عبلة والجحدري والطير محشورة برفعهما مبتدأ وخبرا ولعل الجملة على ذلك حال من ضمير يسبحن كل له أواب
19
- 99 استئناف مقرر لمضمون ما قبله مصرح بما فهم منه إجمالا من تسبيح الطير واللام تعليلية والضمير لداود أي كل واحد من الجبال والطير لأجل تسبيحه رجاع إلى التسبيح ووضع الأواب موضع المسبح إما لأنها كانت ترجع التسبيح والمرجع رجاع لأنه يرجع إلى فعله رجوعا بعد رجوع وإما لأن الأواب هو التواب الكثير الرجوع إلى الله تعالى كما هو المشهور ومن دأبه إكثار الذكر وإدامة التسبيح والتقديس وقيل يجوز أن يكون المراد كل من الطير فالجملة للتصريح بما فهم وكذا يجوز أن يراد كل من داود عليه السلام ومن الجبال والطير والضمير لله تعالى أي كل من داود والجبال والطير لله تعالى أواب أي مسبح مرجع للتسبيح وشددنا ملكه قويناه بالهيبة والنصرة وكثرة الجنود ومزيد النعمة واقتصر بعضهم على الهيبة والسدي على الجنود وروي عنه ابن جرير والحاكم أنه كان يحرسه كل يوم وليلة أربعة آلاف
وحكى أنه كان حول محرابه أربعون ألف مستلئم يحرسونه وهذا في غاية البعد عادة مع عدم احتياج مثله عليه السلام إليه وكذا القول الأول كما لا يخفى على منصف وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ادعى رجل من بني إسرائيل عند داود عليه السلام رجلا ببقرة فجحده فسئل البينة فلم تكن بينة فقال لهما عليه السلام : قوما حتى أنظر في أمركما فقاما من عنده فأتى داود في منامه فقيل له : اقتل الرجل المدعي عليه فقال : إن هذه رؤيا ولست أعجل فأتى الليلة الثانية فقيل له : اقتل الرجل فلم يفعل ثم أتى الليلة الثالثة فقيل له : اقتل الرجل أو تأتيك العقوبة من الله تعالى فأرسل عليه السلام إلى الرجل فقال : إن الله تعالى أمرني أن أقتلك فقال : تقتلني بغير بينية ولا ثبت قال نعم : والله لأنفذن أمر الله عز و جل فيك فقال له الرجل

الصفحة 176