كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)
لا تعجل علي حتى أخبرك إني والله ما أخذت بهذا الذنب ولكنني كنت اغتلت والد هذا فقتلته فبذلك أخذت فأمر به داود عليه السلام فقتل فعظمت بذلك هيبته في بني إسرائيل وشد به ملكه
وقرأ ابن أبي عبلة بشد الدال وآتيناه الحكمة النبوة وكمال وإتقان العمل وقيل الزبور وعلم الشرائع وقيل كل كلام وافق الحكمة فهو حكمة وفصل الخطاب
20
- أي فصل الخصام بتمييز الحق عن الباطل فالفصل بمعناه المصدري والخطاب الخصام لاشتماله عليه أو لأنه أحد أنواعه خص به لأنه المحتاج للفصل أو الكلام الذي يفصل بين الصحيح والفاسد والحق والباطل والصواب والخطأ وهو كلامه عليه السلام في القضايا والحكومات وتدابير الملك والمشورات فالخطاب الكلام المخاطب به والفصل مصدر بمعنى اسم الفاعل أو الكلام الذي ينبه المخاطب على المقصود من غير التباس يراعي فيه مظان الفصل والوصل والعطف والإستئناف والإضمار والحذف والتكرار ونحوها فالخطاب بمعنى الكلام المخاطب به أيضا والفصل مصدر إما بمعنى اسم الفاعل أي الفاصل المميز للمقصود عن غيره أو بمعنى اسم المفعول أي المقصود أي الذي فصل من بين أفراد الكلام بتلخيصه ومراعاة ما سمعت فيه أو الذي فصل بعضه عن بعض ولم يجعل ملبسا مختلطا
وجوز أن يراد بفصل الخطاب الخطاب القصد الذي ليس فيه اختصار مخل ولا إشباع ممل كما جاء في وصف كلام نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم لا نزر ولا هذر فالخطاب بمعنى الكلام المخاطب به كما سلف والفصل إما بمعنى الفاصل لأن القصد أي المتوسط فاصل بين الطرفين وهما هنا المختصر والمطنب الممل أو لأن الفصل والتمييز بين المقصود وغيره أظهر تحققا في الكلام القصد لما في أحد الطرفين من الإخلال وفي الطرف الآخر من الإملال المفضي إلى إهمال بعض المقصود وإما بمعنى المفصول لأن الكلام المذكور مفصول مميز عند السامع على المخل والممل بسلامته على الإخلال والإملال والإضافة على الوجه الأول من أضافة المصدر إلى مفعوله وعلى ما عداه من إضافة الصفة لموصوفها وما روي عن علي كرم الله تعالى وجهه والشعبي وحكاه الطبرسي عن الأكثرين من أن فصل الخطاب هو قوله : البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه فقيل هو داخل في فصل الخطاب على الوجه الثاني فإن فيه الفصل بين المدعي والمدعى عليه وهو من الفصل بين الحق والباطل وجاء في بعض الروايات هو إيجاب البينة على المدعى واليمين على عليه فلعله أريد أن فصل الخطاب على الوجه الأول أعني فصل الخصام كان بذاك وجعله نفسه على سبيل المبالغة وما روي عن ابن عباس ومجاهد والسدي من أنه القضاء بين الناس بالحق والإصابة والفهم فهو ليس شيئا وراء ما ذكر أولا وأخرج ابن جرير عن الشعبي وابن أبي حاتم والديلمي عن ابي موسى الأشعري أن فصل الخطاب الذي أوتيه عليه السلام هو أما بعد وذكر أبو موسى أنه عليه السلام أول مكن قال ذلك فقيل : هو داخل في فصل الخطاب وليس فصل الخطاب منحصرا فيه لأنه يفصل اغلمقصود عما سيق مقدمة له من الحمد والصلاة أو من ذكر الله عز و جل مطلقا وظاهره اعتبار فصل الخطاب بمعنى الكلام الذي ينبه المخاطب على المقصود إلى آخر ما مر ويوهم صنيع بعضهم دخوله فيه باعتبار المعنى الثاني لفصل الخطاب ولا يتسنى ذلك وحمل الخبر على الأنحصار مما لا ينبغي إذ ليس في إيتاء هذا اللفظ كثير امتنان ثم الظاهر أن المراد من أما بعد ما يؤدي مؤداه من الألفاظ لا نفس هذا اللفظ لأنه لفظ