كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)
الأمراض التي تحتاج إلى التداوي بأضدادها ولذلك عقرها ففي أحببت استعارة تبعية لا يخفى حسنها ومناسبتها للمقام ليس بشيء لخفاء هذه الإستعارة نفسها وعدم ظهور قرينتها وبالجملة ما ذكره أبو الفتح مما لا ينبغي أن يفتح له باب الإستحسان عند ذوي العرفان وجوز حمل أحببت على ظاهره من غير اعتبار تضمينه ما يتعدى بعن وجعل عن متعلقة بمقدر كمعرضا بعيدا وهو لحال من ضمير أحببت وجوز في عن كونها تعليلية وسيأتي إن شاء الله تعالى و ذكر مضاف إلى مفعوله وجوز أن يكون مضافا إلى فاعله وقيل الإضافة على معنى اللام ولا يراد بالذكر المعنى المصدري بل يراد به الصلاة فمعنى عن ذكر ربي عن صلاة ربي التي شرعها وهو كما ترى
وبعض من جعل عن للتعليل فسر ذلك الرب بكتابه عز و جل وهو التوراة أي أحببت الخيل بسبب كتاب الله تعالى وهو التوراة فإن فيه مدح ارتباطها وروي ذلك عن أبي مسلم وقرأ أبو جعفر ونافع وابن كثير وذأبو عمرو إني أحببت بفتح الياء حتى توارت بالحجاب
32
- متعلق بقوله تعالى : أحببت باعتبار استمرار المحبة ودوامها حسب استمرار الغرض أي أنبت حب الخير عن ذكر ربي واستمر ذلك حتى غربت الشمس تشبيها لغروبها في مغربها بتواري المخباة بحجابها على طريق الإستعارة التبعية ويجوز أن يكون هناك استعارة مكنية تخييلية وأيا ما كان فما أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب قال : الحجاب هو حجاب من ياقوت أخضر محيط بالخلائق منه أخضرت السماء وما قيل إنه جبل دون قاف بسنة تغرب الشمس وراءه ولا يخفى حاله والناس في ثبوت جبل قاف بين مصدق ومكذب والقرافي يقول لا وجود له وإليه أميل وإن قال المثبتون ما قالوا والباء للظرفية أو الإستعارة أو الملابسة وعود الضمير إلى الشمس من غير ذكر لدلالة العشي عليها والضمير المنصوب في قوله تعالى : ردوها علي للصافنات على ما قال غير واحد
وظاهر كلامهم أنه للصافنات المذكور في الآية ولعلك تختار أنه للخيل الدال عليها المشاهدة أو الخير في قوله : إني أحببت حب الخير لأن ردوها من تتمة مقالته عليه السلام والصافنات غير مذكورة في كلامه بل في كلام الله تعالى لنبينا صلى الله عليه و سلم والكلام على ما قال الزمخشري على إضمار القول أي قال ردوها علي والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا كأنه قيل : فماذا قال سليمان فقيل قال : ردوها وتعقبه أبو حيان بأنه لا يحتاج إلى الإضمار إذ الجملة مندرجة تحت حكاية القول في قوله تعالى : فقال إني الخ والفاء في قوله تعالى : فطفق مسحا فصيحة مفصحة عن جملة قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وإيذانا بغاية سرعة الإمتثال بالأمر كما في قوله تعالى قلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا أي فردوها عليه فطفق الخ وطفق من أفعال الشروع واسمها ضمير سليمان و مسحا مفعول مطلق لفعل مقدر هو خبرها أي شرع يمسح مسحا لا حال مؤول بماسحا كما جوزه أبو البقاء إذ لا بد لطفق من الخبر وليس هذا مما يسد الحال فيه مسده وقرأ زيد لن علي مساحا على وزن قتال بالسوق والأعناق
33
- أي بسوقها وأعناقها على أن التعريف للعهد وإن أل قائمة مقام الضمير المضاف إليه والباء متعلقة بالمسح على معنى شرع يمسح السيف بسوقها وأعناقها وقال : جمع هي زائدة أي شرع يمسح سوقها وأعناقها بالسيف ومسحته بالسيف كما قال الراغب : كناية عن الضرب
وفي الكشاف يمسح السيف بسوقها وأعناقها يقطعها تقول مسح علاوته إذا ضرب عنقه ومسح المسفر