كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)
كروم وأعناب بالسريانية وفي تفسير ابن جرير أنه بالرومية وقوله تعالى : مفتحة لهم الأبواب
50
- إما صفة لجنات عدن وإليه ذهب ابن إسحاق وتبعه ابن عطية أو حال من ضميرها المستتر في خبر إن والعامل فيه الإستقرار المقدر أو نفس الظرف لتضمنه معناه ونيابته عنه وإليه ذهب الزمخشري ومختصر وكلامه أو حال من ضميرها المحذوف مع العامل لدلالة المعنى عليه واتلتقدير يدخلونها مفتحة وإليه ذهب الحوفي و الأبواب نائب فاعل مفتحة عند الجمهور والرابط العائد على الجنات محذوف تقديره الأبواب منها واكتفى الكوفيون عن ذلك بأل لقيامها مقام الضمير فكأنه قيل مفتحة لهم أبوابها وذهب أبو علي إلى أن نائب فاعل مفتحة ضمير الجنات والأبواب بدل منه بدل اشتمال كما هو ظاهر كلام الزمخشري ولا يصح أن يكون بدل بعض من كل لأن أبواب الجنات ليست بعضا من الجنات على ما قال أبو حيان وقرأ زيد ابن علي وعبد االله بن رفيع وأبو حيوة جنات عدن مفتحة برفعهما على أنهما خبران لمحذوف أي هو أي المآب جنات عدن مفتحة لهم أبوابه أو هو جنات عدن هي مفتحة لهم أبوابها أو على أنهما مبتدأ أو خبر
ووجه ارتباط الجملة بنا قبلها أنها مفسرة لحسن المآب لأن محصلها جنات أبوابها فتحت إكراما لهم أو هي معترضة
وقوله تعالى : متكئين فيها وقوله سبحانه يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب
51
- قيل حالان من ضمير لهم وهما حالان مقدران لأن الإتكاء وما بعده ليس في حال تفتيح الأبواب بل بعده وقيل : الأول حال مقدرة من الضمير المذكور والثاني حال من ضمير متكئين وجوز جعلها حالين من المتقين ولا يصح إلا إن قلنا بأن الفاصل ليس بأجنبي والظاهر أنه أجنبي وقال بعض الأجلة : الأظهر أن متكئين حال من ضمير يدعون قدم رعاية للفاصلة ويدعون استئناف لبيان حالهم كأنه قيل ما حالهم بعد دخولها فقيل : يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب متكئين فيها والإقتصار على الفاكهة للإيذان بأن مطاعمهم لمحض التفكه والتلذذ دون التغذي فإنه لتحصيل بدل ولا تحلل ثمت ولما كانت الفاكهة تتنوع وصفها سبحانه بالكثرة وكثرتها باختلاف أنواعها وكثرة كل نوع منها ولما كان الشراب نوعا واحدا وهو الخمر إفرد وقيل : وصفت الفاكهة بالكثرة ولم يصف الشراب للإيذان بأنه يكون على الشراب نقل كثير سواء تعددت أنواعه أم اتحدت ويمكن أن يقال والله تعالى أعلم : التقدير وشراب كثير لكن حذف لدلالة ما قبل ورعاية للفاصلة
وعندهم قاصرات الطرف أي على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم أو قاصرات طرف أزواجهن عليهن فلا ينظرون إلى غيرهن لشدة حسنهن وتمام الكلام قد مر وحلا أتراب
52
- أي لدات على سن واحدة تشبيها في التساوي والتماثل بالترائب التي هي ضلوع الصدر أو لسقوطهن معا على الأرض حين الولادة ومسهن ترابها فكان الترب بمعنى المتارب كالمثل بمعنى المماثل والظاهر أن هذا الوصف بينهن فيكون في ذلك إشارة إلى محبة بعضهن لبعض وتصادقهن فيما بينهن فإن النساء الأتراب يتحابين ويتصادقن وفي ذلك راحة عظيمة لأزواجهن كما أن في تباغض الضرائر نصبا عظيما وخطبا جسيما لهم وقد جرب ذلك وصح نسأل الله تعالى العفو والعافية
وقيل : إن ذلك بينهن وبين أزواجهن أي أن أسنانهن كأسنانهم ليحصل كمال التحاب ورجح بأن اهتمام الرجل بحصول المحبة بينه وبين زوجته أشد من اهتمامه بحصولها بين زوجاته وفيه توقف ثم أن الوصف الأول