كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)
لا يستحيل بالإنعكاس نحو كلامك كمالك وسر فلا كبابك الفرس وقالوا : لا يعكر على ذلك أنه سبحانه سماها سقفا في قوله عز قائلا والسقف المرفوع لأن السقف المقبب لا يخرج عن كونه سقفا بالتقبيب وأنت تعلم أن السماوات غير الأفلاك ومع هذا أقول باستدارة السماوات كما ذهب إليه بعض السلف وبعض ظواهر الأخبار يقتضي أنها أنصاف كرات كل سماء نصف كرة كالقبة على أرض من الأرضين السبع وإليه ذهب الشيخ الأكبر وقال بالإستدارة لفلك المنازل دون السماوات السبع وادعى أن تحت الأرضين السبع التي على كل منها سماء ماء وتحته هواء وتحته ظلمة وعليه فليتأمل في كيفية سير الكوكب بعد غروبه حتى يطلع
ثم إن الفلاسفة الذاهبين إلى استدارة السماء تمسكوا في ذلك بأدلة أقربها على ما قيل دليلان الأول أنا متى قصدنا عدة مساكن على خط واحد من عرض الأرض وحصلنا الكواكب المارة على سمت رأس في كل واحدة منها ثم اعتبرنا أبعاد ممرات تلك الكواكب في دائرة نصف النهار بعضها من بعض وجدناها على نسب المسافات الأرضية بين تلك المساكن وكذلك وجدنا ارتفاع القطب فيها متفاضلا بمثل تلك النسب فتحدب السماء في العرض مشابه لتحدب الأرض فيه لكن هذا التشابه موجود في كل خط من خطوط العرض وكذا في كل خط من خطوط الطول فسطح السماء بأسره مواز لسطح الظاهر من الأرض بأسره وهذا السطح مستدير حسا فكذا سطح السماء الموازي له والثاني أن أصحاب الأرصاد دونوا في كتبهم مقادير أجرام الكواكب وأبعاد ما بينها في الأماكن المختلفة في وقت واحد كما في أنصاف نهار تلك الأماكن مثلا متساوية وهذا يدل على تساوي أبعاد مراكز الكواكب عن مناظر المستلزم لتساوي أبعادها عن مركز العالم لاستدارة الأرض المستلزم لكون جرم السماء كريا ونوقش في هذا بأنه إنما يصح أن لو كان الفلك ساكنا والكوكب متحركا إذ لو كان الفلك متحركا جاز أن يكون مربعا تكون مساواة أبعاد مراكز الكواكب عن مناظر الأبصار وتساوي مقادير الأجرام للكواكب حاصلة وفي الأول بأنه إنما يصح لو كان الإعتبار المذكور موجودا في كل خط من خطوط الطول والعرض ولا يخفى جريان كل من المناقشتين في كل من الدليلين ولهم غير ذلك من الأدلة مذكورة بما لها وعليها في مطولات كتبهم وآية لهم أنا حملنا ذريتهم أي أولادهم قال الراغب : الذرية أصلها الصغار من الأولاد ويقع في التعارف على الصغار والكبار معا ويستعمل للواحد والجمع وأصله للجمع وفيه ثلاثة أقوال فقيل هو من ذرأ الله الخلق فترك همزته نحو برية وروية وقيل : أصله ذروية وقيل : هو فعلية من الذر نحو قمرية واستظهر حمله على الأولاد مطلقا أبو حيان وجوز غير واحد أن يحمل على الكبار لأنهم المبعوثون للتجارة أي حملناهم حين يبعثونهم للتجارة في الفلك أي السفينة سميت بذلك على ما في مجمع البيان لأنها تدور في الماء المشحون
41
- أي المملوء وقيل : هو مستعمل على أصله وهم الأولاد الصغار الذين يستصحبونهم وقيل : المراد به النساء فإنه يطلق عليهن وفي الحديث أنه عليه الصلاة و السلام نهى عن قتل الذراري وفسر بالنساء
وفي الفائق قال حنظلة الكاتب : كنا في غزاة عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فرأى امرأة مقتولة فقال : هاه ما كانت هذه تقاتل الحق خالدا وقل لا تقتلن ذرية ولا عسيفا وهي نسل الرجل وأوقعت على النساء كقولهم للمطر سماء ويراد بالنساء اللاتي يستصحبونهن وتخصيص الذرية على هذين القولين بالذكر لأن استقرارهم