كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)

ما أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت وقيل : هو له عليه الصلاة و السلام والكلام فيه كالكلام في قوله صلى الله عليه و سلم أنا النبي الخ إلا أن هذا يحتمل أن يكون مشطورا إذا كان كل من شطريه بيتا وعلى وقوع التكلم بالبيت غير متزن مع إحراز المعنى كثيرا كما روي أنه عليه الصلاة و السلام أنشد
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك من لم تزود بالأخبار فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه ليس هكذا يا رسول الله فقال عليه الصلاة و السلام إني والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي وفي خبر أخرجه أحمد وابن أبي شيبة عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا استراث الخبر تمثل ببيت طرفة ويأتيك من لم تزود بالأخبار
وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن الحسن أنه صلى الله عليه و سلم كان يتمثل بهذا البيت
كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا
فقال أبو بكر : أشهد أنك رسول الله ما علمك الشعر وما ينبغي لك وأخرج ابن سعيد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد أن النبي صلى الله عليه و سلم قال للعباس بن مرداس : أرأيت قولك : أتجعل نهي ونهب العبيد
بين الأقرع وعيينة فقال له أبو بكر : رضي الله تعالى عنه بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أنت بشاعر ولا راوية ولا ينبغي لك إنما قال بين عيينة والأقرع وروي أنه قيل له عليه الصلاة و السلام : من أشعر الناس فقال : الذي يقول : ألم ترياني كلما جئت طارقا وجدت بها وإن لم تطيب طيبا وأخرج البيهقي في سننه بسند فيه مجهول عن عائشة قالت ما جمع رسول الله صلى الله عليه و سلم بيت شعر قط إلا بيتا واحدا تفاءل بما تهوى يكن فلقلما يقال لشيء كان إلا تحقق قالت عائشة ولم يقل تحققا لئلا يعربه فيصير شعرا ثم أنه عليه الصلاة و السلام مع هذا لم يكن يحب الشعر ففي مسند أحمد بن حنبل عن عائشة قالت : كان أبغض الحديث إليه صلى الله عليه و سلم الشعر وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأن يمتليء جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتليء شعرا وهذا ظاهر في ذم الأكثار منه وما روي عن الخليل أنه قال كان الشعر أحب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من كثير من الكلام مناف لما سمعت عن المسند ولعل الجمع بالتفصيل بين شعر وشعر وقد تقدم الكلام في الشعر مفصلا في سورة الشعراء فتذكر
إن هو أي ما القرآن إلا ذكر أي عظة من الله عز و جل وإرشاد للثقلين كما قال سبحانه : إن هو إلا ذكر للعالمين وقرآن مبين
69
- أي كتاب سماوي ظاهر أنه ليس من كلام البشر لما فيه من الإعجاز الذي ألقم من تصدى للمعارضة الحجر لينذر أي القرآن أو الرسول عليه الصلاة و السلام ويؤيده قراءة نافع وابن عامر لتنذر بتاء الخطاب وقرأ اليماني لينذر مبنيا للمفعول ونقلها ابن خالويه عن الجحدري وقال : عن أبي السمال واليماني أنهما قرآ لينذر بفتح الياء والذال مضارع نذر بالشيء بكسر الذال إذا علم به
من كان حيا أي عاقلا كما أخرج ذلك ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن الضحاك وفيه استعارة

الصفحة 49