كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)

شيء من الشارع صلى الله عليه و سلم ولم يذكر في كتب السلف بل هو شيء ولع فيه الفلاسفة على ان أصحاب الفلسفة الجديدة نسمعهم ينكرون كرة النار التي قال بها المتقدمون فالأجزاء الأصلية بعد أن تتفرق وتصير ترابا يجمعها الله تعالى حيث كانت وهو سبحانه بها عليم ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وهذا إن ضم إليه القول بإعادة الصورة التي هي جزء جوهري من الجسم عند القائلين بتركبه منها ومن الهيولي أو العوارض المختصة بالأنواع التي هي جزء من أفرادا النوع كالصورة النوعية الجوهرية كما هو مذهب النافين لتركب الجسم من الهيولي والصورة من المتكلمين يتوقف القول به على جواز إعادة المعدوم وإذا لم يضم إليه ذلك بل اكتفى بالقول بجمع الأجزاء الأصلية العنصرية وتشكيلهابشكل مثل الشكل الأول وتحليتها بعوارض مشابهة للعوارض السابقة لم يتوقف القول به على ذلك أصلا والمغايرة في الشكل وعدم اتحاد العوارض بالذات مما لا يضر في كون المحشور هو المبدأ شرعا وعرفا ولا يلزم على ذلك التناسخ المصطلح كما لا يخفى وفي أبكار الأفكار للآدمي بعد التفصيل المشبع بذكر الآيات والأحاديث الدالة على وقوع المعلاد الجسماني والأدلة السمعية في ذلك لا يحويها كتاب ولا يحصرها خطاب وكلها ظاهرة في الدلالة على حشر الأجساد ونشرها مع إمكان ذلك في نفسه فلا يجوز تركها من غير دليل لكن هل الإعادة للأجسام بإيجادها بعد عدمها أو بتأليف أجزائها بعد تفرقها فقد اختلف فيه والحق إمكان كل واحد من الأمرين والسمع موجب لأحدهما من عير تعيين وبتقدير أن تكون الإعادة للأجسام بتأليف أجزائها بعد تفرقها فهل تجب إعادة عين ما تقضي ومضصى من التأليفات في الدنيا أو أن الله تعالى يجوز أن يؤلفها بتأليف آخر فذهب أبو هشام إلى المنع من إعادتها بتأليف آخر مصيرا منه إلى أن جواهر الأشخاص متماثلة وإنما يتميز كل واحد من الأجزاء بتعيينه وتأليفه الخاص فإذا لم يعد ذلك التأليف الخاص به فذلك الشخص لا يكون هو العائد بل غيره وهو مخالف حينئذ لما ورد به السمع من حشر أجساد الناس على صورهم ومذهب من عداه من أهل الحق أن كل واحد من الأمرين جائز عقلا ولا دليل على التعيين من سمع وغيره وما قيل من أن تعين كل شخص إنما هو بخصوص تأليفه غير مسلم بل جاز أن يكون بلونه أو بعض آخر من الأتليف ومذهب أبي هاشم أنه لا تجب إعادة غير التأليف من الإعراض فما هو جوابه عن غير التأليف فهو جواب لنا في التأليف وما ورد من حشر الناس على صورهم ليس فيه ما يدل على إعادة عين ما تقضي من التأليف ولا مانع أن يكون الإعادة بمثل ذلك التأليف لا عينه أه
وزعم الإمام إجماع المسلمين على المعاد بجميع الأجزائية بعد افتراقها وليس بذلك لما سمعت من الخلاف في كيفيته وهو مذكور في المواقف وغيره ومسئلة إعادة الأعراض أكثر خلافا من مسئلة إعادة الجواهر فذهب معظم أهل الحق إلى جواز إعادتها مطلقا حتى أن منهم من جوز إعادتها في غير محالها والمعتزلة اتفقوا على جواز إعادة ما كان منها على أصولهم باقيا غير متولد واختلفوا في جواز إعادة ما لا بقاء له كالحرارة والأصوات والأرادات فذهب الأكثرون منهم إلى المنع من إعادتها وجوزها الأقلون كالبلخي وغيره وذهب إلى عدم جواز إعادة المعدوم مطلقا من المسلمين أبو الحسن البصري وبعض الكرامية ومن الناس من خص المنع فيما عدم ذاتا ووجودا وجوز فيما عدم وجودا وإلى القول بالمعاد الجسماني ذهب اليهود والنصارى على ما نص

الصفحة 61