كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 23)
به وقيل إن الهاء هاء السكت حركت للضرورة وهو فرار من ضرورة لأخرة إذ تحريكها وإثباتها في الوصل غير جائز وللنحاة في مسئلة إثبات النون مع إضافة الوصف إلى الضمير كلام طويل حاصله أن نحو ضاربك وضارباك وضاربوك ذهب سيبويه إلى أن الضمير فيه في محل جر بالإضافة ولذا حذف التنوين ونون التثنية والجمع وذهب الأخفش وهشام إلى أن الضمير في محل نصب وحذفهما للتخفيف حتى وردتا ثابتين كما في الفاعلونه وأمسلمني فالنون عندهما في الأخير ونحوه تنوين حرك لالتقاء الساكنين وقد سمعت ما فيه حديث الحمل على الفعل على العلات أحسن ما قيل في التوجيه هذا وطلع واطلع بالتشديد وأطلع بالتخفيف بمعنى واحد والكل لازم ويجيء الإطلاع متعديا يقال أطلعه على كذا فأطلع و مطلعون في قراءة أبي عمرو بمعنى مطلعون بالتشديد ونائب فاعل أطلع ضمير القائل والفاعل هم المخاطبون واطلاعهم إياه باعتبار التسبب كأنه لما أراد الإطلاع وأحب أن لا يستبد به أدبا عرض عليهم أن يطلعوا فرغبوا واطلعوا فكان ذلك وسيلة إلى اطلاعه فكأنهم هم الذين أطلعوه ففاء فاطلع فصيحة والعطف على مقدر والمعنى على القراءة التي بعدها هل أنتم مطلعون حتى أطلع أنا أيضا فاطلعوا وأطلع هو بعد ذلك فرآه في سواء الجحيم ولا بد من تقدير أطلع بعد ذلك ليصح ترتب فرآه على ما قبله و هل أنتم مطلعون عليه بمعنى الأمر تأدبا ومبالغة وعلى القراءة الثانية وهي قراءة التخفيف في الكلمتين والثانية فعل ماض المعنى كما في قراءة الجمهور وكذا على القراءة التي بعدها وعن قراءة أبي البرهسم ومن معه هل أنتم مطلعي فاطلعوه فرآه الخ وإطلاعهم إياه إذا كان الخطاب للجلساء بطريق التسبب كأنه طلب أن يطلعوا ليوافقهم فيطلع وهو إذا كان الخطاب للملائكة عليهم السلام على ما يتبادر إلى الذهن وعن صاحب اللوامح أن طلع واطلع إطلاعا بمعنى أقبل وجاء والقائم مقام الفاعل على قراءة أطلع مبنيا للمفعول ضمير المصدر أو جار ومجرور محذوفان أي أطلع به لأن أطلع لازم كأقبل وقد علمت أن أطلع يجيء متعديا كأطلعت زيدا ورد أبو حيان الإحتمال الثاني بأن نائب الفاعل لا يجوز حذفه كالفاعل فتأمل جميع ما ذكرنا ولا تغفل قال أي القائل لقرينه تالله إن كدت لتردين
56
- أي لتهلكني وفي قراءة عبد الله لتغوين و إن مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة وفي البحر أن القسم فيه التعجب من سلامته منه إذ كان قرينه قارب أن يرديه ولو لا نعمة ربي علي وهي التوفيق والعصمة لكنت من المحضرين
57
- للعذاب كما أحضرته أنت وأضرابك أفما نحن بميتين
58
- الخ رجوع إلى محاورة حلسائه بعد إتمام الكلام مع قرينه تبجحا وابتهاجا بما أتاح الله تعالى له من الفضل العظيم والنعيم المقيم وتعريفا للقرين بالتوبيخ وجوز أن يكون من كلام المتسائلين جميعا وأن يكون من تتمة كلام القائل يسمع قرينه على جهة التوبيخ له واختير الأول والهمزة للتقرير وفيها معنى التعجب والفاء للعطف على مقدر يقتضيه نظم الكلام على ما ذهب إليه الزمخشري ومتبعوه أي أنحن مخلدون فما نحن بميتين أي ممن شأنه الموت كما يؤذن به الصفة المشبهة
وقريء بمائتين إلا موتتنا الأولى التي كانت في الدنيا وهي متناولة عند أهل السنة لما في القبر بعد الإحياء للسؤال لعدم الإعتداد بالحياة فيه لكونها غير تامة ولا قارة وزمانها قليل جدا والإستثناء مفرغ من مصدر مقدر كأنه