كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 24)
على أن يقال : أشرق البيت وأشرقه السراج فيكون الفعل مجاوزا وغير مجاوز وقال صاحب اللوامح وجب أن يكون الإشراق على هذه القراءة منقولا من شرقت الشمس إذا طلعت فيصير متعديا والمعنى أذهبت ظلمة الأرض ولا يجوز أن يكون من أشرقت إذا أضاءت فإن ذلك لازم وهذا قد يتعدى إلى المفعول ووضع الكتاب قال السدي الحساب قالكتاب مجاز عن الحساب ووضعه ترشيح له والمراد به الشروع فيه ويجوز جعل الكلام تمثيلا
وقال بعضهم : صحائف الأعمال وضعت بأيدي العمال فالتعريف للجنس أو الإستغراق وقيل : اللوح المحفوظ وضع ليقابل به الصحائف فالتعريف للعهد وروي هذا القول عن ابن عباس واستبعد
أبو حيان وقال : لعله لا يصح عن ابن عباس وجيء بالنبيين قيل ليسئلوا هل بلغوا أممهم وقيل : ليحضروا حسابهم والشهداء قال عطاء ومقاتل وابن زيد : الحفظة وكأنهم أرادوا أنهم يشهدون على كل من الأمم أنهم بلغوا أو يشهدون على كل بعلمه كما قال سبحانه : وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد وفي بعض الآثار أنه يؤتى باللوح المحفوظ وهو يرتعد فيقال له : هل بلغت إسرافيل فيقول : نعم يا رب بلغته فيؤتى بإسرافيل وهو يرتعد فيقال له : هل بلغك اللوح فيقول : نعم يا رب فعند ذلك يسكن روع اللوح ثم يقال لإسرافيل فأنت هل بلغت جبرائيل فيقول : نعم يا رب فيؤتى بجبرائيل وهو يرتعد فيقال له : هل بلغك إسرافيل فيقول : نعم يا رب فعند ذلك يسكن روح إسرافيل ثم يقال لجبرائيل : فأنت هل بلغت فيقول : نعم يا رب فيؤتى بالمسلمين وهم يرتعدون فيقال لهم : هل بلغكم جبرائيل فيقولون : نعم فيسكن عند ذلك روع جبرائيل ثم يقال لهم : فأنتم هل بلغتم فيقولون : نعم فيقال للأمم : هل بلغكم الرسل فيقول كفرتهم : ما جاءنا من بشر ولا نذير فيعظم على الرسل الحال ويشتد البلبال فيقال لهم : من يشهد لكم فيقولون : النبي الأمي وأمته فيؤتى بالأمة المحمدية فيشهدون لهم أنهم بلغوا فيقال لهم : من أين علمتم ذلك فيقولون : من كتاب أنزله الله تعالى علينا ذكر سبحانه فيه أن الرسل بلغوا أممهم ويزكيهم النبي عليه الصلاة و السلام وذلك قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ومن هنا قيل : المراد بالشهداء في الآية أمة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم وقال الجبائي وأبو مسلم : هم عدول الآخرة يشهدون للأمم وعليهم وقيل : جمع الشهداء من الملائكة وأمة محمد عليه الصلاة و السلام والجوارح والمكان وأيا ما كان فالشهداء جمع شاهد وقال قتادة والسدي : المراد بهم المستشهدون في سبيل الله تعالى فهو جمع شهيد وليس بذاك وقضي بينهم أي بين العباد المفهوم من السياق بالحق بالعدل وهم لا يظلمون
69
- بنقص ثواب أو زيادة عقاب على ما جرى به الوعد بناء على أن الظلم حقيقة لا يتصور في حقه تعالى فإن الأمر كله له عز و جل
ووفيت كل نفي ما عملت أي أعطيت جزاء ذلك كاملا وهو أعلم بما يفعلون
70
- فلا يفوته سبحانه شيء من أعمالهم وقوله تعالى : وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا الخ تفصيل للتوفية وبيان لكيفيتها والفاء ليس بلازم والسوق يقتضي الحث على المسير بعنف وإزعاج وهو الغالب ويشعر بالإهانة وهو المراد هنا أي سيقوا إليها بالعنف والإهانة أفواجا متفرقة بعضها في أثر بعض مترتبة حسب ترتب طبقاتهم