كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 24)
في الضلالة والشرارة والزمر جمع زمرة قال الراغب : هي الجماعة القليلة ومنه شاة زمرة قليلة الشعر ورجل زمر قليل المروءة ومنه اشتق الزمر والزمارة كناية على الفاجرة وقال بعضهم اشتقاق الزمرة من الزمر وهو الصوت إذ الجماعة لا تخلو عنه حتى إذا جاؤها فتحت أبوابها ليدخلوها وكانت قبل مجيئهم غير مفتوحة فهي كسائر أبواب السجون لا تزال مغلقة حتى يأتي أصحاب الجرائم الذين يسجنون فيها فتفتح ليدخلوها فإذا دخلوها أغلقت عليهم و حتى التي تحكى بعدها الجملة والكلام على إذا الواقعة بعدها قد مر في الأنعام وقرأ غير واحد فتحت بالتشديد وقال لهم خزنتها على سبيل التقريع والتوبيخ ألم يأتكم رسل منكم أي من جنسكم تفهمون ما ينبؤنكم به ويسهل عليكم مراجعتهم وقرأ ابن هرمز تأتكم بتاء التأنيث وقريء نذر منكم يتلون عليكم آيات ربكم المنزلة لمصلحتكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا أي وقتكم هذا وهو وقت دخولكم النار لأن المنذر به الحقيقة العذاب ووقته وجوز أن يراد به يوم القيامة والآخرة لاشتماله على هذا الوقت أو على ما يختص بهم من عذابه وأواله ولا ينافيه كونه في ذاته غير مختص بهم والإضافة لامية تفيد الإختصاص لأنه يكفي للإختصاص ما ذكر نعم الأول أظهر فيه واستدل بالآية على أنه لا تكليف قبل الشرع وبخوهم بكفرهم بعد تبليغ الرسل للشرائع وإنذارهم ولو كان الكفر معلوما بالعقل دون الشرع لقيل ألم تعلموا بما أودع الله تعالى فيكم من العقل قبح كفركم ولا وجه لتفسير الرسل بالعقول لإباء الأفعال المستندة إليها عن ذلك هو دليل إقناعي لأنه إنما يتم على اعتبار المفهوم وعموم الذين كفروا وكلاهما محل نزاع وقيل في وجه الإستدلال : إن الخطاب للداخلين عموما يقتضي أنهم جميعا أنذرهم الرسل واو تحقق تكليف قبل الشرع لم يكن الأمر كذلك وتعقب بأن للخصم أن لا يسلم العموم ولمن قال بوجوب الإيمان عقلا أن يقول : : إنما وبخوهم بالكفر بعد التبليغ لأنه أبعد عن الإعتذار وأحق بالتوبيخ والإنكار قالوا بلى قد أتانا رسل منا تلوا علينا آيات ربنا وأنذرونا لقاء يومنا هذا ولكن حقت أي وجبت كلمة العذاب أي كلمة الله تعالى المقتضية له على الكافرين
71
- والمراد بها الحكم عليهم بالشقاوة وأنهم من أهل النار لسوء اختيارهم أو قوله تعالى لإبليس : لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ووضعوا الكافرين موضع ضميرهم للإيماء إلى علية الكفر والكلام اعتراف لا اعتذار قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها أي مقدرا خلودكم فيها والقائل يحتمل أن يكون الخزنة وترك ذكرهم للعلم به مما قبل ويحتمل أن يكون غيرهم ولم يذكر لأن المقصود ذكر هذا المقول المهول من غير نظر إلى قائله وقال بعض الأجلة : أبهم القائل لتهويل المقول
فبئس مثوى المتكبرين
72
- أل فيه سواء كانت حرف تعريف أم اسم موصوف للجنس وفاء بحق فاعل باب نعم وبئس والمخصوص بالذم محذوف ثقة بذكره آنفا أي فبئس مثواهم جهنم والتعبير بالمثوى لمكان خالدين وفي التعبير بالمتكبرين إيماء إلى أن دخولهم النار لتكبرهم عن قبول الحق والإنقياد للرسل المنذرين عليهم الصلاة والسلام وهو في معنى التعليل بالكفر ولا ينافي تعليل ذلك بسبق كلمة العذاب عليهم لأن حكمه تعالى