كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 24)
أثر الأذان وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته وقد أجيب عن ذلك بغير ما أشير إليه وهو أن سبق الوعد لا يستدعي حصول الموعود بلا توسط دعاء
وبالجملة لا بأس بحمل التوبة على التوبة من الذنوب مطلقا ولا يلزم من القول به القول بشيء من أصول المعتزلة فتأمل وأنصف وقوله تعالى : إن الذين كفروا شروع في بيان أحوال الكفار بعد دخول النار ينادون وهم في النار وقد مقتوا أنفسهم الأمارة بالسوء التي وقعوا فيها وقعوا باتباع هواها حتى أكلوا أناملهم من المقت كما أخرج ذلك عبد بن حميد عن الحسن
وفي بعض الآثار أنهم يمقتون أنفسهم حين يقول لهم الشيطان : فلا تلوموني ولوموا أنفسكم وقيل : يمقتونها حين يعلمون أنهم من أصحاب النار والمندى الخزنة أو المؤمنون يقولون لهم إعظاما لحسرتهم : لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم وهذا معمول للنداء لتضمنه معنى القول كأنه قيل ينادون مقولا لهم لمقت الخ أو معمول لقول مقدر بفاء التفسير أي ينادون فيقال لهم : لمقت الخ وجعله معمولا للنداء على حذف الجار وإيصال الفعل بالجملة ليس بشيء و مقت مصدر مضاف إلى الاسم الجليل إضافة المصدر لفاعله وكذا إضافة المقت الثاني إلى ضمير الخطاب
وفي الكلام تنازع أو حذف معمول الأول من غير تنازع أي لمقت الله إياكم أو أنفسكم أكبر من مقتكم أنفسكم واللام للإبتداء أو للقسم والمقت أشد البغض والخلف يؤولونه مسندا إليه تعالى بأشد الإنكار
أي تدعون أي إذ يدعوكم الأنبياء ونوابهم إلى الإيمان فتأبون قبوله فتكفرون
10
- وهذا تعليل للحكم أو للمحكوم به فإذ متعلقة بأكبر وكان التعبير بالمضارع للإشارة إلى الإستمرار التجددي كأنه قيل : لمقت الله تعالى أنفسكم أكبر من مقتكم إياها لأنكم دعيتم مرة بعد مرة إلى الإيمان فتكرر منكم الكفر وزمان المتقين واحد على ما هو المتبادر وهو زمان مقتهم أنفسهم الذي حكيناه آنفا ويجوز أن يكون تعليلا لمقتهم أنفسهم وإذ متعلقة بمقت الثاني فهم متقوا أنفسهم لأنهم دعوا مرارا إلى الإيمان فكفروا والتعبير بالمضارع كما في الوجه السابق وزمان المتقين كذلك والعلة في الحقيقة إصرارهم على الكفر مع تكرر دعائهم إلى الإيمان وجوز أن يكون تعليلا لمقت الله و إذا متعلقة به ويعلم مما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى ما عليه وما له وظاهر صنيع جماعة من الأجلة اختيار كون إذ ظرفية لا تعليلية فقيل : هي ظرف لمقت الأول والمعنى لمقت أنفسكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون أشد من مقتكم إياها اليوم وأنتم في النار أو وأنتم متحققون إنكم من أصحابها فزمان المقتين مختلف وكون زمان الأول الدنيا وزمان الثاني الآخرة مروي عن الحسن وأخرجه عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد واعترض عليه غير واحد بلزوم الفصل بين المصدر وما في صلته بأجنبي هو الخبر وفي أمالي ابن الحاجب لا بأس بذلك لأن الظروف متسع فيها وقيل : هي ظرف لمصدر آخر يدل عليه الأول أو لفعل يدل عليه ذلك كما في البحر
وفي الكشف فيه أن المقدر لا بدله من جزاآت أن استقل ويتسع الخرق وإن جعل بدلا فحذفه وأعمال