كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 24)
لفظ الوحي للإشارة إلى أن اختصاص حياة القلوب بالوحي من جهتي التخلي والتحلي الحاصلين بالإمتثال والإنتهاء
وعن ابن عباس تفسير الأمر بالقضاء فجعلت من ابتدائية متعلقة بمحذوف وقع حالا من الروح أي ناشئا من أمره أو صفة له على رأي من يجوز حذف الموصول من بعض صلته أي الكائن من أمره وفسره بعضهم بالملك وجعل من ابتدائية متعلقة بمحذوف وقع حالا أو صفة على ما ذكر آنفا وكون الملك مبدأ للوحي لتلقيه عنه ومن فسر الروح بجبريل عليه الصلاة و السلام قال : من سببية متعلقة بيلقى والمعنى ينزل الروح من أجل تبليغ أمره على من يشاء من عباده وهو الذي اصطفاه سبحانه لرسالته وتبليغ أحكامه إليهم والإستمرار التجددي المفهوم من يلقى ظاهر فإن الإلقاء لم يزل من لدن آدم عليه السلام إلى انتهاء زمان نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم وهو في حكم المتصل إلى قيام الساعة بإقامة من يقوم بالدعوة على ما روي أبو داود عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال : إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها أي بإحياء ما إندرس من العمل بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما وأمر ذلك التجدد على ما جوزه ابن عطية لا يحتاج إلى ما ذكر وقريء رفيع بالنصب على المدح ليذنر علة للإلقاء وضميره المستتر لله تعالى أو لمن وهو الملقى إليه أو للروح أو للأمر وعوده على الملقى إليه وهو الرسول أقرب لفظا ومعنى لقرب المرجع وقوة الإسناد فإنه الذي ينذر النار حقيقة بلا واسطة واستظهر أبو حيان رجوعه إليه تعالى لأنه سبحانه المحدث عنه وقوله تعالى : يوم التلاق
15
- مفعول لينذر أو ظرف والمنذر به محذوف أي لينذر العذاب أو نحوه يوم التلاق وقوله سبحانه : يوم هم بارزون بدل من يوم التلاق و هم مبتدأ و بارزون خبر والجملة في محل جر بإضافة يوم إليها قيل : وهذا تخريج على مذهب أبي الحسن من جواز إضافة الظرف المستقبل كإذا إلى الجملة افسمية نحو أجيئك إذا زيد ذاهب وسيبويه لا يجوز ذلك ويوجب تقدير فعل بعد الظرف يكون الاسم مرتفعا به وجوز أن يكون يوم ظرفا لقوله تعالى : لا يخفى على الله منهم شيء والظاهر البدلية وهذه الجملة استئناف لبيان بروزهم وتقرير له وإزاحة لما كان يتوهمه بعض المتوهمين في الدنيا من الإستتار توهما باطلا وجوز أن تكون خبرا ثانيا لهم
وقيل : هي حال من ضمير بارزون و يوم التلاق يوم القيامة سمي بذلك قال ابن عباس : لالتقاء الخلائق فيه وقال مقاتل : لالتقاء الخالق والمخلوق فيه وحكاه الطبرسي عن ابن عباس وقال السدي : لالتقاء أهل السماء وأهل الأرض وقال ميمون بن مهران : لالتقاء الظالم والمظلوم وحكى الثعلبي أن ذلك لالتقاء كل امريء وعمله واختار بعض الأجلة ما قال مقاتل وقال : هو أولى الوجوه لما فيه من حمل المطلق على ما ورد في كثير من المواضع نحو فمن كان يرجو لقاء ربه إن الذين لا يرجون لقاءنا وقال الذين لا يرجون لقاءنا
وقال صاحب الكشف : القول الأول وهو ما نقل عن ابن عباس أولا أشبه لجريان الكلام فيه على الحقيقة ونفى ما يتوهم من المساواة بين الخالق والمخلوق واستقلال كل من البدلين بفائدة من التهويل لما في الأول من تصوير تلاقي الخلائق على اختلاف أنواعها وفي الثاني من البروز لمالك أمرها بروزا لا يبقى لأحد فيه شبهة
وأما نحو قوله تعالى : لقاء ربه فمسوق بمعنى آخر و بارزون من برز وأصله حصل في براز أي