كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 24)
صلى الله تعالى عليه وسلم أنه لا يكون من أولئك رسول فليذكر وأنى به ثم أن أمر النبوة فيمن ذكر أهون من أمر السالة كما لا يخفى وكأنه لمجموع ما ذكرنا قال الخفاجي عليه الرحمة : في صحة الخبر نظر وما كان لرسول أي وما صح وما استقام لرسول من أولئك الرسل أن يأتي بآية بمعجزة إلا بإذن الله فالمعجزات على تشعب فنونها عطايا من الله تعالى قسمها بينهم حسبما اقتضته مشيئته المبنية على الحكم البالغة كسائر القسم ليس لهم اختيار في إيثار بعضها والإستبداد بإتيان المقترح بها فإذا جاء أمر الله بالعذاب في الدنيا والآخرة قضي بالحق بإنجاء المحق وإثابته وإهلاك المبطل وتعذيبه وخسر هنالك أي وقت مجيء أمر الله تعالى اسم مكان استعير للزمان المبطلون
78
- المتمسكون بالباطل على الأطلاق فيدخل فيهم المعاندون المقترحون دخولا أوليا من المفسرين من فسر المبطلين بهم وفسر أمر الله بالقيامة ومنهم من فسره بالقتل يوم بدر وما ذكرنا أولى
وأبعد ما رأينا في الآية أن المعنى فإذا أراد الله تعالى إرسال رسول وبعثة نبي قضي ذلك وأنفذه بالحق وخسر كل مبطل وحصل على فساد آخرته
الله الذي جعل لكم الأنعام المراد بها الإبل خاصة كما حكي عن الزجاج واختاره صاحب الكشاف واللام للتعليل لا للإختصاص فإن ذلك هو المعروف في نظير الآية أي خلقها لأجلكم ولمصلحتكم وقوله تعالى : لتركبوا منها الخ تفصيل لما دل عليه الكلام إجمالا ومن هنا جعل ذلك بعضهم بدلا مما قبله بدل مفصل من مجمل بإعادة حرف الجر و من لابتداء الغاية أي ابتداء تعلق الركوب بها أو تبعيضية وكذا من في قوله مالي : ومنها تأكلون
79
- وليس المراد على إرادة التبعيض أن كلا من الركوب والأكل مختص ببعض معين منها بحيث لا يجوز تعلقه بما تعلق به الآخر بل على أن كل بعض منها صالح لكل منهما نعم كثيرا ما يعدون النجائب من الإبل للركوب والجملة على ما ذهب إليه الجلبي عطف على المعنى فإن قوله تعالى : لتركبوا منها في معنى منها تركبون أو إن منها تأكلون في معنى لتأكلوا منها لكن لم يؤت به كذلك لنكتة
وقال العلامة التفتازاني : إن هذه الجملة حالية لكن يرد على ظاهره أن فيه عطف الحال على المفعول له ولا محيص عنه سوى تقدير معطوف أي خلق لكم الأنعام منها تأكلون ليكون من عطف جملة على جملة وتعقبه الخفاجي بقوله : لم يلح لي وجه جعل هذه الواو عاطفة محتاجة إلى التقدير المذكور مع أن الظاهر أنها واو حالية سواء قلنا أنها حال من الفاعل أو المفعول والمنساق إلى ذهني العطف بحسب المعنى ولعل اعتباره في جانب المعطوف أيسر فيعتبر أيضا في قوله تعالى : ولكم فيها منافع أي غير الركوب والأكل كالألبان والأوبار والجلود ويقال : إنه في معنى ولتنتفعوا بمنافع فيها أو نحو ذلك ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم أي أمرا ذا بال تهتمون به وذلك كحمل الأثقال من بلد إلى بلد وهذا عطف على لتركبوا منها جاء على نمطه وكان الظاهر المزاوجة بين الفوائد المحصلة من الأنعام بأن يؤتى باللام في الجميع أو تترك فيه لكن عدل إلى ما في النظم الجليل لنكتة