كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 25)

أن أدوا إلى عباد الله أطلقوهم وسلموهم إلى والمراد بهم بنو إسرائيل الذين كان فرعون مستعبدهم والتعبير عنهم بعباد الله تعالى للأشارة إلى أن استعباده إياهم ظلم منه والإداء مجاز عما ذكر وهذا كقوله عليه السلام فأرسل معنى بنا إسرائيل ولا تعذيبهم وروي ذلك عن ابن زيد ومجاهد وقتادة أو أدوا إلى حق الله تعالى من الأيمان وقبول الدعوة يا عباد الله على أن مفعول أدوا أدوا محذوف وعباد منادى وهو عام لبني إسرائيل والقبط والإداء بمعنى الفعل للطاعة وقبول الدعوى وروي هذا عن ابن عباس وأن عليهما قيل مصدرية قبلها حرف جر مقدر متعلق بجاءهم أي بأن أدوا وتعقب بأنه لا معنى لقولك : جاءهم بالدية إلى وحمله على طلب التادية إلى لا يخلو عن تعسف ورد بأنه بتقدير القول وهو شائع مطرد فتقديره بأن قال أدوا إلي ولا يخلو عن تكلف ما ومع هذا الأمر مبني على جواز وصل المصدرية بالأمر والنهي وهو غير متفق عليه نعم الأصح الجواز
وقيل : هي مخففة من الثقيلة وتعقب حينئذ يقدر معها ضمير الشأن ومفسره لا يكون إلا جملة خبرية وأيضا لا بد أن يقع بعدها النفي أو قد أو السين أو لو يتقدمها فعل قلبي ونحوه وأجيب بأن مجيء الرسول يتضمن معنى فعل التحقيق كالأعلام والفصل المذكور غير متفق عليه فقد ذهب المبرد تبعا للبغاددة إلى عدم اشتراطه والقول بأنه شاذ يصان القرآن عن مثله غير مسلم واشتراط كون مفسر ضمير الشأن جملة خبرية فيه خلاف على ما يفهم من كلام بعضهم ولم يذكر في المغنى في الباب الرابع في الكلام على ضمير الشأن إلا اشتراط كون مفسره جملة ولم يشترط فيها الخبرية ولم يتعرض لخلاف نعم قال في الباب الخامس : النوع الثامن اشتراطهم في بعض الجملة الخبرية وفي بعضها الإنشائية وعد من الأول خبران وضمير الشأن لكنه قال بعد : وينبغي من ذلك في خبري أن وضمير الشأن خبر أن المفتوحة إذا خففت فإنه يجوز أن يكون جملة دعائية كقوله تعالى والخامسة أن غضب الله عليها في قراءة من قرأ أن وغضب بالفعل والأسم الجليل فاعل
وحقق بعض الأجلة أن الأخبار عن ضمير الشأن بجملة إنشائية جائز عند الزمخشري أو هي مفسرة وقد تقدم ما يدل على القول دون حروفه لأن مجيء الرسول يكون برسالة ودعوة وكأن التفسير المقدر أي جاءهم بالدعوة وهي أن إلى عباد الله إني لكم رسول أمين
18
- وأن لا تعلوا على الله ولا تستكبروا عليه سبحانه بالأستهانة بوحيه جل شأنه ورسوله عليه السلام وأن كالتي قبلها والمعنى على المصدرية بكفكم عن العلو على الله تعالى أني آتيكم بسلطان مبين
19
- تعليل للنهي أي آتيكم بحجة واضحة لا سبيل إلى إنكارها أو موضحة صدق دعواي وآتيكم على صيغة الفاعل أو المضارع ولا يخفى حسن ذكر الأمين مع الأداء والسلطان مع العلاء وذكر أن في الأول ترشيحا للأستعارة المصرحة أو المكنية بجعلهم كأنهم مال للغير في يده أمره بدفعه لمن يؤتمن عليه وفي الثانية تورية عن معنى الملك مرشحة بقوله ولا تعلوا وقرأت فرقة أني بفتح الهمزة فقيل هو أيضا على تعليل النهي بتقدير اللام وقيل : هو متعلق بما دخله النهي نظير قولك لمن غضب من قول الحق له لا تغضب لأن قيل لك الحق وإني عذت بربي وربكم أي التجأت إليه تعالى وتوكلت عليه جل شأنه أن ترجمون
20
- من أن ترجموني أن تؤذوني ضربا أو شتما أو أن تقتلوني وروي هذا عن قتادة وجماعة قيل لما قال : أن لا تعلوا على الله توعدوه بالقتل فقال ذلك وفي البحر أن هذا كان قبل أن يخبره عز و جل بعجزهم عن رجمه بقوله

الصفحة 121