كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 25)
سبحانه : فلا يصلون إليكما والجملة عطف على الجملة المستأنفة وقرأ أبو عمرو والأخوان عت بإدغام الذال في التاء وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون
21
- فكونوا بمعزل مني لا علي ولا لي ولا تتعرضون لي بسوء فليس ذلك جزاء من يدعوكم إلى ما فيه فلا حكم وقيل : المعنى وإن لم تؤمنوا لي فلا موالاة بيني وبين من لا يؤمن فتنحوا واقطعوا أسباب الوصلة عني ففي الكلام حذف الجواب وإقامة المسبب عنه مقامه والأول أوفق بالمقام والأعتزال عليه عبارة عن الترك وإن لم تكن مفارقة بالأبدان فدعا ربه بعد أن أصروا على تكذيبه عليه السلام أن هؤلاء قوم مجرمون
22
- أي بأن هؤلاء الخ بتقدير الباء صلة الدعاء كما يقال دعا بهذا الدعاء وفيه اختصار كأنه قيل : أن هؤلاء مجرمون تناهي أمرهم في الكفر وأنت أعلم بهم فافعل بهم ما يستحقونه قيل كان دعاؤه عليه السلام اللهم عجل لهم ما يستحقون بإجرامهم وقيل : قوله ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين إلى قوله فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم وإنما ذكر الله سبحانه السبب الذي استوجبوا به الهلاك ليعلم منه دعاؤه والإجابة معا وإن دعاءه على يأس من أيمانهم وهذا من بليغ اختصارات الكتاب المعجز
وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى والحسن في رواية وزيد بن علي بكسر همزة أن وخرج على إضمار القول أي قائلا أن هؤلاء الخ فأسر بعبادي وهم بنو إسرائيل ومن آمن به من القبط ليلا بقطع من الليل والكلام بإضماء القول أما بعد الفاء أي فقال أسر الخ فالفاء للتعقيب والترتيب والقول معطوف على ما قبله أو قبلها كأنه قيل قال : أو فقال أن كان الأمر كما تقول : فأسر الخ فالفاء واقعة في جواب شرط مقدر وهو جوابه مقول القول المقدر مع الفاء أو بدونها على أنه استئناف والأضمار الأول أولى لقلة التقدير مع أن تقدير أن لا يناسب إذ لا شك فيه تحقيقا ولا تنزيلا وجعلها بمعنى إذا تكلف على تكلف وأبو حيان لا يجيز حذف الشرط وإبقاء جوابه في مثل هذا الموضع وقد شنع على الزمخشري في تجويزه وقرأ نافع وابن كثير فأسر بوصل الهمزة من سرى
أنكم متبعون
23
- يتبعكم فرعون وجنوده إذا علموا بخروجكم فالجملة مستأنفة لتعليل الأمر بالسري ليلا ليتأخر العلم به فلا يدركون والتأكيد لتقدم ما يلوح بالخبر واترك البحر رهوا أي ساكنا كما قال ابن عباس يقال رها البحر يرهو رهوا سكن ويقال : جاءت الخيل رهوا أي ساكنة قال الشاعر : والخيل تمزع رهوا في أعنتها كالطير ينجو الشؤبوب ذي البرد ويقال أفعل ذلك رهوا أي ساكنا على هينة وأنشد غير واحد للقطامي في نعت الركاب : يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة ولا الصدور على الإعجاز تتكل والظاهر أنه مصدر في الأصل يؤول باسم الفاعل وجوز أن يكون بمعنى الساكن حقيقة وعن مجاهد رهوا أي منفرجا مفتوحا قال أبو عبيدة رها الرجل يرهو رهوا فتح بين رجليه وعن بعض العرب أنه رأى جملا فالجا أي ذا سنامين فقال : سبحان الله تعالى رهو بين سنامين قالوا : أراد فرجة واسعة والظاهر أيضا أنه مصدر مؤول أو فيه مضاف مقدرأي ذا فرجة قال قتادة : أراد موسى عليه السلام بعد أن جاوزالبحر هو ومنمعه أن يضربه بعصاه حتى ياتئم كما ضربه أولا فانفلق لئلا يتبعه فرعون وجنوده فأمر بأن يتركه رهوا أي مفتوحا منفرجا أو ساكنا على هيئته قارا على حاله من انتصاب الماء وكون الطريق يبسا ولا