كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 25)

وأخرج البيهقيفي شعب الأيمان والحاكم وصححه وغي عن ابن عباس قال : إن الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحا ثم قرأ الآية وأخرج ابن المنذر وغيره عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال : إن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء ثم تلا فما بكت الخ وجعلوا كل ذلك من باب التمثيل
ومن أثبت كالصوفية للأجرام السماوي الجماد اتشعورا لائقا بحالها لميحتج إلى اعتبار التمثيل وأثبت بكاء حقيقيا لها حسبما تقتضيه ذاتها ويليق بها أو أوله بالحزن أو نحوه وأثبته لها حسب ذلك أيضا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عطاء بكاء السماء حمرة أطرافه وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن نحوه وأخرج عن سفيان الثوري قال : كان يقال هذه الحمرة التي تكون في السماء بكاء السماء على المؤمن ولعمري ينبغي لمن لم يضحك من ذلك أن يبكي على عقله وأنا لا أعتقد أن من ذكر من الأجلة كانوا يعتقدونه وقيل : إن الآية على تقدير مضاف أي فما بكت عليهم سكان السماءوهم الملائكة وسكان الأرض وهم المؤمنون بل كانوا بهلاكهم مسرورين
وروي هذا عن الحسن والأحسن ما تقدم وما كانوا لما جاء وقت هلاكهم منظرين
29
- ممهلين إلى وقت آخرأو إلى القيامة بل عجل لهم في الدنيا ولقد نجينا بني إسرائيل بما فعلنا بفرعون وقومه ما فعلنا من العذاب المهين
30
- من استعباد فرعون وقتله أبناءهم واستحيائه نساءهم علىالخسف والضيم من فرعون بدل من العذاب على حذف المضاف والتقدير من عذاب فرعون أو جعله عليه اللعنة عين العذاب مبالغة وجوز أن يتعلق بمحذوف يقع حالا أيكائنا من جهة فرعون وقيل : متعلق بمحذوف واقع صفة أيكائنا أو الكائن من فرعون ولا بأس بهذا إذا لم يعد ذلك من حذف الموصول مع بعض صلته
وقرأ عبد الله من عذاب المهين على إضافة الموصوف إلى صفته كبقلة الحمقاء وقرأ ابن عباس من فرعون على الأستفهام لتهويل العذاب أي هل تعرفون من فرعون في عتوه وشيطنته فما ظنكم بعذابه وقيل : لتحقير فرعون بجعله غير معلوم يستفهم عنه النكرة لما فيه في القبائح التي يعهد مثلها وما بعد يناسب ما قبلكما لا يخفى
وأيا ما كان فالظاهر أن الجملة استئناف وقيل : إنها مقول قول مقدر هو صفة للعذاب وقدر المقول عنده إن كان تعريف العذاب للعهد ومقول إنكان للجنس فلا تغفل إنه كان عاليا متكبرا من المسرفين
31
- في النشر والفساد والجار والمجرور إما خبر ثان لكان متكبرامغرقا في الأسراف وإما حال من الضمير المستتر في عاليا أي كان متكبرا في حال إغراقه في الإسراف ولقد اخترناهم أي اصطفينا بني إسرائيل وشرفناهم على علم أي عالمين باستحقاقهم ذلك أو مع علم منا بمايفرط منهم في بعض الأحوال وقيل : عالمين بما يصدر منهم من العدل والأحسان والعلم والأيمان ويرجع هذا إلى ما قيل أولا فإن العدل وما معه من أسباب الأستحقاق وقيل : لأجلعلم فيهم وتعقب أنه ركيك لأن تنكير العلم لا يصادف محزه
وأجيب بأنه للتعظيم ويحسن اعتباره علة للأختيار على العالمين
32
- أي عالمي زمانهم كماقال مجاهد وقتادة فالتعريف للعهد أو الأستغراق العرفي فلا يلزم تفضيلهم على أمة محمد صلى الله عليه و سلم الذين هم خير أمة أخرجت للناس

الصفحة 125