كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 25)
على الأطلاق وجوز أن يكون للأستغراق الحقيقي والتفضيل باعتبار كثرة الأنبياء عليهم السلام فيهم لا من كل الوجوه حتى يلزم تفضيلهم على هذه الأمة المحمدية وقيل : المراد اخترناهم للأيحاء على الوجه الذي وقع وخصصناهم به دون العالمين وليس بشيء ومما ذكرنا يعلم أنه ليس في الآية تعلق حرفي جر بمعنى بمتعلق واحد لأن الأول متعلق بمحذوف وقع حالا والثاني متعلق بالفعل كقوله : ويوما على ظهرالكثيب تعذرت علي وآلتحلفة لمتحلل وقيل : لأن كل حرف بمعنى وآتيناهم من الآيات كفلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغيرها من عظائم الآيات التي لم يعهد مثلها في غيرهم وبعضها وأن أرتيها موسى عليه السلام يصدق عليه أنهم أتوه لأن ما للنبي لأمته ما فيه بلاءمبين
33
- أي نعمة ظاهرة أو اختبار ظاهر لننظر كيف يعملون وفي فيه إشارة إلى أن هنا كأمور أخرى ككونه معجزة إن هؤلاء كفار قريش لأن الكلام فيهم وذكر قصة فرعون وقومه استطرادي للدلالة على أنهم مثلهم في الأصرار على الضلالة والأنذار على مثل ما حلبهم وفي اسم الأشارة تحقير لهم ليقولون
34
- إن هي إلا موتتنا الأولى أي ما العاقبة ونهاية الأمر إلا الموتتة الأولى المزيلة للحياة ال ومانحن بمنشرين
35
- أي بمبعوثين بعدها وتوصيفها بالأولى ليس لقصد مقابلة الثانية كما في قولك : حج زيد الحجة الأولى ومات
قال الأسنوري في التمهيد : الأول في اللغة ابتداءالشيء ثم قد يكون له ثان وقد لا يكون كما تقول : هذا أول ما اكتسبه فقد تكتسب بعده شيئا وقد لا تكتس بكذا ذكره جماعة منهم الواحد يفي تفسير هو الزجاج
ومنفروع المسئلة ما لو قال : إن كان أول ولد تلدينه ذكرا فأنتطالق إذا ولدته وإن لمتلد غيره بالأتفاق قال أبو علي : اتفقوا على أنه ليس من شرط كونه أو لا أن يكون بعده آخر وإنما الشرط أن لا يتقدم عليه غيره أه ومنه يعلم ما في بعضهم : إن الأول يضايف الآخر والثاني ويقتضي وجوده بلاشبهة والمثال إن صح فإنما هو فيمن نوي تعدد الحج فاخترمته المنية فلحجه ثان باعتبار العز ممن قصور الأطلاع وأنه لا حاجةإلى أن يقال : أنها أولى بالنسبة إلى ما بعدها من حياة الآخرة بل هو في حد ذاته غير مقبول لما قال ابن المنير أن الأولى إنما يقابلها أخرى تشاركها في أخص معانيها فكما لا يصح أو لا يحسن أن يقال : جاءني رجل وامرأة أخرى لا يقال الموتة الأولى بالنسبة لحياة الآخرة وقيل : أنه قيل لهم أنكم تموت ونموتة تتعقبها حياة كما تقدمت كم موتة قد تعقبتها حياة وذلك قوله عز و جل وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم فقالوا إن هي إلا موتتنا الأولى يريدون ما الموتة التي من شأنها أن تتعقبها حياة إلا الموتة الأولى دون الثانية وما هذه الصفة التي تصفون بها الموتة من تعقب الحياة لها إلا للموتة الأولى خاصة وهذا ما ارتضاه جار الله وأراد أن النفي والإثبات لما كان لرد المنكر المصر إلى الصواب كان منزلا لا على إنكارهم لا سيما والتعريف في الأولى تعريف عهد وقوله تعالى : الموتة الأولى تفسير للمبهم وهي على نحو هي العرب تقول كذا فيتطابقان والمعهود الموتة التي تعقبها الحياة الدنيوية ولذلك استشهد بقوله تعالى : وكنتم أمواتا الخ فليس اعتبار الوصف عدولا عن الظاهر من غير حاجة كما قال ابن المنير وقوله في الأعتراض أيضا : إن الموت السابق على الحياة