كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 25)
الدنيوية لا يعبر عنه بالموتة لأن فيها لمكان بناءالمرة إشعارا بالتجدد والموت السابق مستصحب لم تتقدمه حياة مدفوع كما قال صاحب الكشف ثم أنه لا يلزم من تفسير الموتة الأولى بما بعد الحياة في قوله تعالى : لا ذيوقون فيها الموتإلا الموتة الأولى تفسيرها بذلك هنا لأن أيقاع الذوق عليها هنا كقرينة أنها التي بعد الحياة الدنيا لأن ما قبل الحياة مذوق ومع هذا كله الأنصاف إن حمل الموتة الأولى أيضا على التي بعد الحياة الدنيا أظهر من حملها على ما قبل الحياة من العدم بل هي المتبادرة إلى الفهم عند الإطلاق المعروفة بينهم وأمر الوصف بالأولى على ما سمعت أولا
وقيل : إنه موعد وابعد هذه الموتة موتة القبر وحياة البعث فقوله تعالى عنهم إنهي إلا موتتنا الأولى رد للموتة الثانية وفي قوله سبحانه وما نحن بمنشرين نفي لحياة القبرض منا إذ لو كانت بدون الموتة الثانية النشر ضرورة فأتوا بآياتنا خطاب لمن وعدهم بالنشور من الرسول صلى الله عليه و سلم والمؤمنين أي لإاتوا لناب من مات من آبائنا إن كنتم صادقين
36
- في وعدكم ليدل ذلك على صدقكم ودلالة الأيقان إما لمجرد الأحياء بعد الموت وإما بأن يسألوا عنه قيل : طلبوا من الرسول عليه الصلاة و السلام أن يدعوا الله تعالى فيحيي لهم قصي بن كلاب ليشاوروه في صحة النبوة والبعث إذ كان كبيرهم ومستشارهم في النوازل أهم خير في القوة والمنعة أم قومتبع هو تبع الأكبر الحميري واسمه أسعد بهمزة وفي بعض الكتب سعد بدونها وكنيته أبو كرب وكان رجلا صالحا أخرج عائشة قالت : كان تبع رجلا صالحا ألا ترى أن الله تعالى ذم قومه ولم يذمه وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس لا يشتبهن عليكم أمر تبع فإنه كان مسلما وأخرج أحمد والطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تسبوا تبعا فأنه كان قد أسلم وأخرجا بن عساكر وابن المنذر عن ابن عباس قال : سألت كعبا عن تبع فأني أسمع الله تعالى يذكر في القرآن قوم تبع ولا يذكر تبعا فقال : إن تبعا رجلا من أهل اليمن ملكا منصورا فسار بالجيوش حتى انتهى إلى سمرقند فرجع فأخذ طريق الشام فأسر بها أحبارا فانطلق بهم نحو اليمن حتى إذا دنا من ملكه طار في الناس أنه هادم الكعبةفقال له الأحبار : ما هذا الذي تحدثبه نفسك فإن هذاالبيت لله تعالى وإنك لن تسلط عليه فقال : إن هذالله تعالى وأنا أحق منحرمه فأسلم من مكانه وأحرم فدخلها محرما فقضى نسكه ثم انصرف نحو اليمن راجعا حتى قدم على قومه فدخل عليه أشرافهم فقالوا : يا تبع أنت سيدنا وابن سيدنا خرجت من عندنا على دين وجئت على غيره فاخترمنا أحد أمرين إما أن تخلينا وملكنا وتعبد ما شئت وإما أن تذر دينك الذي أحدثتو بينهم يومئذ نار تنزل من السماء فقال الأحبار عند ذلك : اجعل بينك وبينهم النار فتواعد القوم جميعا على أن يجعلوها بينهم فجيء بالأحبار وكتبهم وجيء بالأصنام وعمارها وقدموا جميعا إلى النار وقامت الرجال خلفهم بالسيوف فهدرت النار هدير الرعد ورمت شعاعا لها فنكص أصحاب الأصنام وأقبلت النار وأحرقت الأصنام وعمارها وسلم الآخرون قوم واستسلم قوم فلبثوا بعد ذلك عمر تبع حتى إذا نزل بتبع الموت استخل أخاه وهلك فقتلوا أخاه وكفروا صفقةواحدة وفي رواية عن ابن عباس أن تبعا لما أقبل من الشرق بعد أن حير الحيرة أي بناها ونظم أمرها وهيبكسر الحاء المهملة وياء ساكنة مدينة بقربا لك