كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 25)

وبنى سمر قند وهي مدينة بالعجم معروفة وقيل : إنه هدمه او قصد المدينة وكان قد خلف بها حين سافر ابنا له فقتل غيلة فأجمع على خرابها واستئصال أهلها فجمع له الأنصار وخرجوا لقتاله وكانوا يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليلف أعجبه ذلك وقال : إن هؤلاء لكرام فبينما هوعلى ذلك إذ جاءه كعب وأسد ابنا عم من قريظةحبران وأخبراه أنه يحال بينك وبينما تريد فإنها مهاجر نبي من قريش اسمه محمد صلى الله عليه و سلم ومولده بمكة فثناه قولهما عما يريد ثم دعواه إلى دينهما فاتبعهما وأكرمهما فانصرفوا عن المدينة و معهم نفر من اليهود فقال له في الطريق نفر من هذيل : ندلك على بيت فيه كنز من لؤلؤ وزبرجد وذهب وفضةبمكة وأرادته ذيلهلا لأنهم عرفوا أنه ما أراده احد بسوء إلا هلك فذكر ذلك للحبرين فقالا : ما نعلم لله عز و جل بيتا في الأرض اتخذه لنفسه غير هذا فاتخذه مسجداو أنسكعنده وأحلق رأسك وما أرادالقوم إلا هلا ككفأ كرمه وكساه وهو أو من كسى البيت وقطع أيدي أولئك النفر من هذيل وأرجلهم وسمل أعينهم وصلبهم وفي رواية أنه قال للحبرين حين قالا ما قالا : وأنتما ما يمنعكما من ذلك فقالا : أما والله إنه لبيت أبينا إبراهيم عليه السلام وإنهلكما أخبرناك ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حوله وبالدماءالتي يريقونها عن نجس أهل شرك فعرف صدقهما ونصحهما فطاف بالبيت ونحروحلق رأسه وأقام بمكة ستة أيام فيما يذكر و ينحر للناس ويطعم أهلها ويسقيهم العسل وقيل : إنه أراد تخريب البيت فرمى بداء عظيم فكف عنه وكساه
وأخرجا بن عساكر عن ابن إسحاق أن تبعا أرى في منامه أن يكسو البيت فكساه الخصف ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافر ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الوصائل وصائل اليمن فكان فيما ذكر لي أول من كساه وأوصى بها ولاته من جرهم وأمر بتطهير هو جعل لهبابا ومفتاحا وفي رواية أنه قال أيضا : ولا تقربوه دما ولا ميتا ولاتقربه حائض وفي نهاية ابن الأثير في الحديث أن تبعا كسى البيت المسوح فانتفضا لبيت منه ومزقه عن نفسه ثم كساه الخصف فلم يقبله ثم كساه الأنطاع وفي موضع آخر منها أن أول من كسى الكعبة كسوة كاملة تبعكساها الأنطاع ثم كساها الوصائل والخصف فعل بمعنى مفعول من الخصف وهو ضم الشيء إلى الشيء والمراد شيء منسوخ من الخوص على ما هو الظاهر وقيل : أريد به ههنا الثياب الغلاظ جدا تشبيها المذكور والمعافر برود من اليمن منسوبة إلى معافر قبيلة بها والميم زائدة والوصائل ثياب حمر مخططة يمانية والمسوح جمع مسح بكسرالميم وسكون المهلة أثواب من شعر غليظة والأنطاع جمع نطع بالكسر وبالفتح وبالتحريك بسط من أديم وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن أبي بن كعب قال : لما قدم تبع المدينة ونزل بفنائها بعث إلى أحبار يهود فقال : إني مخرب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية ويرجع الأمر إلى دين العرب فقال له : شامول اليهودي وهو يومئذ أعلمهم : أيها الملك إن هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من نبي إسماعيل مولده بمكة اسمه أحمد وهذه دار هجرته إلى أن قال : قال وما صفته قال : رجل ليس بالقصير ولا بالطويل في عينيه حمرة يركب البعير ويلبس الشملة سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى حتى يظهر أمره فقال تبع : ما إلى هذا البلد من سبيل وما كان ليكون خرابها على يدي وذكر أبو الرياشي أنه آمن بالنبيص قبل أن يبعث بسبعمائة سنة وقيل : بينه وبين مولده عليه الصلاة و السلام ألف سنة والقولان يدلان على أنه قبل مبعث عيسى عليه السلام وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لا تقولوا في تبع إلا خيرا فإنه قد حج البي وآمن بما جاء به عيسى بن مريم وهو يدل على أنه بعد مبعث عيسى عليه السلام والأول أشهر

الصفحة 128