كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 25)

وفي شرح قصيدة ابن عبدون أن الرائش لقب الحرثبن بدر أحد التابعية وهو قبل أسعد المتقمد ذكره بزمان طويل جدا وهو أيضا ممن ذكر نبينا صلى الله عليه و سلم في شعره فقال : ويملك بعدهم رجل عظيم نبي لا يرخص في الحرام يسمى أحمدا ياليت أني أعمر بعد مخرجه بعام ثم إن ملكه الدنيا كلها غير مسلم وبالجملةالأخبار مضطربة في أمر التابعة وأحوالهم وترتيب ملوكهم بل قال صاحب تواريخ الأمم : ليسفي التواريخ أسقم من تاريخ ملوك حمير لما يذكر من كثرة عدد سنينهم مع قلة عدد ملوكهم فإن ملوكهم ستة وعشرون ومدتهم ألفان وعشرو
وقال بعض : إن مدتهم ثلاثةآلاف واثنان وثمانون بعدهم اليمن الحبشة والله تعالى أعلم بحقيقة الحال والقدرالمعول عليه ههنا أن تبعا المذكور هو أسعد أبو كرب وأنه كان مؤمنا بنبينا ص - وكان على دين إبراهيم عليه السلام ولم يكن نبيا وحكاية نبوته عن ابن عباس رضعنهما لا تصح وأخباره بمبعثه ص - لا يقتضيا لأنه علم ذلك من أحبار اليهود وهم عرفوه من الكتب السماوية
وما روي من أنه عليه الصلاة و السلام قال : ما أدري أكان تبع نبيا أو غير نبيلم يثبت نعم روي أبو داود والحاكم أنه عليه الصلاة و السلامقال : ما أدري أذو القرنين هو أم لا وليس ما يدل على التردد في نبوته وعدمها فإن ذا القرنين ليس بنبي على الصحيح ثم إن الطظاهر أنه عليه الصلاة و السلام دري بعد أنه ليس ذا القرنين
وقال قوم : ليس ال4مراد بتبعها هنا رجلا واحداإ ملوك اليمن وهو خلاف الظاهر والأخبار تكذبه ومعنى تبع متبوع فهو فعل بمعنى مفعول يجيء هذا اللفظ فاعلكما قيل للظل تبع لأنه يتبع الشمس ويقال لملوك اليمن أقيال من يقيل فلان أباه إذا اقتدى به لأنهم يقتدي بهم وقيل : سمي ملكهم قيل النفوذ أقواله وهو مخفف قيل كميت
والذي منقبلهم أي قبل قوم تبع كعاد وثمود أو قبل قريش فهو تعميم بعد تخصيص أهلكناهم استئناف لبيان عاقبة أمرهم هدد به كفار قريش أو حال بإضمار قد أو بدونه من الضمير المستتر في الصلة أو خبر عن الموصولإن جعل مبتدأ ولم يعطف على ما قبله إنهم كانوا مجرمين
37
- تعليل لأهلاكهم أي أهلكناهم بسبب كونهم مجرمين فليحذر كفار قريشا لإهلاك لأجرامه
وماخلقنا السماوات والأرض وما بينهما أيما بين الجنسين وهو شامل لما بين الطبقات
وقرأ عبيد بن عمير وما بينهمن فالضمير لمجموع السماوات والأرض لاعبين
38
- أي عابثين وهو دليل على وقوع الحشر كما مر في الأنبياء وغيرها ماخلقناهما أي وما بينهما إلا بالحق استثناءمفرغ من أعم الأحوال أيما خلقناهما ملتبسين بشيء من الأشياء إلا ملتبسين بالحق فالجار والمجرور في موضع الحال من الفاعل وجوز أن يكون في موضع الحال من المفعول والباء للملابسة فيهما وجوز أن

الصفحة 130