كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 25)

تكون للسببية والأستثناء مفرغ من أعم الأسباب أي ما خلقناهما بسبب من الأسباب إلا بسبب الحق الذي هو الأيمان والطاعة والبعث والجزاء والملابسة أظهر ولكن أكثرهم لا يعلمون
39
- تذييل وتجهيل فخيم لمنكري الحشر توكيد لأن إنكارهم يؤدي إلى إبطال الكائنات بأسرها ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ولهذا قال المؤمنون : ربنا ما خلقت هذاباطلاسبحانك فقنا عذ إن يوم الفصل أي فصل الحق عن الباطل والمحق عن المبطل بالجزاء أو فصل الشخص عن أحبابه وذوي قرابته ميقاتهم وقت وعدهم أجمعين
40
- وقريء ميقاتهم بالنصب على أنه اسم إن والخبر يوم الفصل أيإن ميعاد حسابهم وجزائهم في يوم الفصل وليس مثل إن حراسنا أسدا يوم لا يغني بدل من يوم الفصل أو عطف بيان عند من لا يشترط المطابقة تعريفا وتنكيرا وجوز نصبه أعني مقدرا وأن يكون ظرفا لما دل عليه الفصل لا له للفصل بينه وبينه بأجنبي وهو مصدرلا يعمل إذا فصل لضعفه أو له على قول من اغتفر الفصل غذا كان المعمول ظرفا كاب الحاب والرضي وجوز أبو البقاء كونه صفة لميقاتهم وتعقب بأنه جامد نكرة لأضافته للجملة فكيف يكون للمعرفة مع أنه لا يصح بناؤه عند البصريين إذا أضيف إلى جملة صدرها معرب وهو المضارع أي يوم لا يجزي مولى عن مولى شيئا من الأغناء أي الأجزاء فشيئا منصوب على المصدرية ويجوز كونه مفعولا به ويغني بمعنى يدفع وينفع وتنكير شيئا للتقليل والمولى الصاحب الذي من شأنه أن يتولى معونة على أموره فيدخل في ذلك ابن العم والحليف والعتيق والمعتق وغيرهم وذكرالخفاجي أنه من الولاية وهي التصرف فيشمل كل من يتصرف في آخر لأمر ما كقرابة وصداقة وهو قريب مما ذكرنا وأيا ما كان فليس ذلك من استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد ولو سلم أن هناك مشتركا استعمل في أكثر من معنى كانت الآية دليلالابن الهمام عليه الرحمة جواز ذلك في النفي فيقال عنده : مارأيت عينا ويرادالعين الباصرة وعين الذهب وغير من نفي إغناء المولى نفي إغناء غيره من باب أولى
ولاهم ينصرون
41
- الضمير عند جمع للمولىالأول والجمع باعتبار المعنى لأنه نكرة في سياق النفي وهي تعمدون الثاني لأنه أفيد وأبلغ حالا لمولى الثانين معلوم من نفي الأغناء السابق ولأنه إذا لم ينصر من استند إليه فكيف هو وأيضا وجه جمع الضمير فيه أظهر وجوز عوده على الثاني للدلالة على أنه لا ينصره غير مولاه وهو في سياق النفي وإن لم يكن في ذلك بمرتبة الأول نعم قيل في وجه الجمع : عليهما : إن النكرة في سياق النفي تدل على كل فرد فلا يرجع الضمير لها جمعا
وأجيب بأنه لا يطرد لأنها قد تحمل على المجموع بقرينة عود ضمير الجمع عليها ولعل الأولى عود الضمير على المولى المفهوم من النكرةالمنفية وقال بعض : لو جعل الضمير للكفار كضمير ميقاتهم كثرت الفائدة وقلت المؤنة فتأمل إلا أنهم من رحم الله في محل رفع على أنه بدل من ضمير ينصرون أو في محل نصب على الأستثناء منه أي لا يمنعمن العذاب إلا من رحمه الله تعالى وذلك بالعفو عنه وقبول الشفاعة فيه
وجوز كونه بدلاأو استثناء من مولى وفيه كما في الأول دليل على ثبوت الشفاعة لكن الرجحان للاول لفظا ومعنى والأستثناء من أي كان متصل وقال الكسائي : إنه منقطع أي لكن من رحمه الله تعالى

الصفحة 131