كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 25)

فإنه لا يحتاج إلى قريب ينفعه ولا إلى ناصر ينصره ولا وجه له مع ظهور الأتصال نعم إنه لا يأتى على كون الأستثناء من الضمير وكونه راجعا للكفار فلا تغفل
إنه هو العزيز الغالب الذي لا ينصر من أراد سبحانه تعذيبه الرحيم
42
- لمن أراد أن يرحمه عز و جل
إن شجرة الزقوم
43
- مر معنى الزقوم في الصافات وقريء شجرة بكسر الشين طعام الأثيم
44
- أي الكثير الآثام والمراد به الكافر لدلالة ما قبله وما بعده عليه دون ما يعمه والعاصي المكثر من المعاصي ثم إن المراد به جنس الكافر لا واحد بعينه وقال ابن زيد وسعيد بن جبير : إنه هنا أبو جهل وليس بش ولا دليل على ذلك بما أخرجه سعيد بن منصور عن أبي مالك من أن أبا جهل كان يأتي بالتمر والزبد فيقول : ترقموا فهذا الزقوم الذي يعدكم به محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فنزلت إن شجرةالزقوم طعام لما لا يخفى ومثله ما قيل : إنه الوليد وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الأنباري وابن المنذر عن عوف بن عبد الله أن ابن مسعود أقرأ رجلا إن شجرةالزقوم طعام الأثيم فقال الرجل طعام اليثيم فرددهاعليه فلم يستقم بها لسانه فقال أتستطيع أن تقول طعام الفاجر قال : نعم قال : فافعل وأخرج الحاكم وصححه وجماعة عن أبي الدرداء أنه وقع له مثل ذلك فلما رأى الرجل أنه لا يفهم قال : إن شجرة الزقوم طعام الفاجر
واستدل بذلك على أن إبدال كلمة مكان كلمة جائز إذاكانت مؤدية معناها وتعقبه القاضي أبو بكر في الأنتصار بأنه أراد أني نبه على أنه لا يريد اليتيم بل الفاجر فينبغي أن يقرأ الأثيم وأنت تعلم أن هذا التأويل لا يكاد يتأتى فيما روي عن ابن مسعود فإنه كالنص في تجويز الأبدال لذلك الرجل وأبعد منه عن التأويل ما أخرجا بن مردويه عن أبي أنه كان يقريء رجلا فارسي إذا قرأ عليه إن شجرة الزقوم طعام الأثيم قال : طعام اليتيم فمر به النبي ص - فقال : قل له طعام الظلام فقالها ففصح بها لسانه وفي الباب أخبار كثيرة جياد الأسانيد كخبر أحمد من حديث أبي هريرة أنزل القرآن على سبعة أحرف عليما حكيما غفورا رحيم
وكخبره من حديث أبي بكرة كلهأ شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة أو رحمة بعذاب نحوق ولك تعالى وأقبل وأسرع وعجل إلى غير ذلك لكن الطحاوي : إنما كان ذلك رخصة لما كان يتعسر على كثير منهم التلاوة بلفظ واحد لعدم علمهم بالكتابة والظب واتقان الحفظ ثم نسخ بزوال العذر وتيسرالكتابة والحفظ وكذا قال ابن عبد البر والباقلاني وآخرون ولعله إن تحقق إبدال من أحد من الصحابة رضى الله تعالى عنهم بعده عليه الصلاة و السلام يقال : إنه كان منه قبل الأطلاع على النسخ ومتى لم يجز إبدال كلمة مكان كلمة مؤدية معناها مع الأتحاد عربية فعدم جواز ذلك مع الأختلاف عربية فارسية مثلا أظهر وماروي عن الأمام أبي حنيفة رضى الله تعالى عنه من أنه يرى جواز قراءة القران بالفارسية بشرط إداءالمعاني علىكما فقد صح عنه خلافه وقد حقق الشرنبلالي عليه الرحمة هذه المسئلة في رسالة مفردة بما لا مزيد عليه وقد تقدم في هذا الكتاب شيء من ذلك فتذكر والطعام ما يتناول منه من الغذاء وأصله مصدر فلذا خبرا عن المؤنث ولم يطابق وجوز أن يكون ذلك من بابقوله : إنارة العقل مكسوف بطوع هوى وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا

الصفحة 132