كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 25)

وفيه تهكم بهم وتفريع لهم و يوم منصوب باذكر أو ظرف لمضمر مؤخر قد ترك إيذانا بقصور البيان عنه كما في قوله تعالى : يوم يجمع الله الرسل وضمير يناديهم عام في كل من عبد غيرالله تعالى فيندرج فيه عبدة الأوثان
قالوا أيأولئك المنادون آذناك أي أعلمناكو المراد بالأعلام هنا الإخبار لأنه تعالى عالم فلا يصح إعلامه بما هو سبحانه عالم به بخلاف الأخبار فأيه يكون للعالم فكأنه قيل أخبرناك ما منامن شهيد
47
- أي بأنه ليس منا شهيد يشهد لهم بالشركة فالجملة في محل نصب مفعول آذناك وقد علق عنه او في تعليق باب الموأنبأ خلاف والصحيح أنه مسموع في الفصيح و شهيد فعيل من الشهادة ونفي الشهادة كناية عن التبرؤ من هم لأن الكفرة القيامة أنكروا عبادة غيره تعالى مرة وأقروا بها وتبرؤا عنها مرة أخرى وفسره السمرقندي بالأنكار لعبادت غير الله تعالى وشركهم كذبا منهم وافتراء كقوله تعالى عنهم : والله ربنا ما كنا مشركين وظاهر آنذاك يقتضي سبق الأيذان في جواب أين شركائي وإنما سئلوا ثانيا حتى أجابوا بأنه قد سبق الجواب لأنه توبيخ وفي إعادة التوبيخ من تأكيد أمر الجناية وتقبيح حال من يرتكبها ما لا يخفى واستظهر أبو حيان أن المراد إحداث إيذان لا إخبار عن إيذان سابق على نحو طلقت وأمثاله وجوز أن يقال : أنه إخبار بأعلام سابق وذلك الأعلام السابق ما علمه تعالى من بواطنهم يوم القيامةأنهم لم يبقوا على الشرك وعلى تلك الشهادة وكأنه إعلام منهم بلسان الحال لا يقتضي سبق سؤال ولا جواب وفيه حسن أدبك أنهم يقولون أنت أعلم به يأخذون في الجواب
قال في الكشف : وهذاالوجه هو المختار لاشتماله على النكتة المذكورة وما في الآخرين من سوء الأدب ويحتمل أن يكون المعنى آنذاك بأنه ليس منا أحد يشاهدهم فشهيد من الشهود بمعنى الحضور والمشاهدة ونفيمشا الظاهر أنه علىالحقيقة وذلك في موقف وجعل بعض العبدةمقرين بمعبودات في آخر فلا تنافي بينهما وقيل : هنا كناية عن نفي أن يكون له تعالى شريك نحو قولك : لا نرى لك مثلا تريد لا مثل لكل نراه والكلام في آذناك على ما آذناك وقيل : ضمير قالوا للشركاء أي قال الشركاء : ليس منا أحد يشهد لهم بأنهم كانوا محقين فشهيد من الشهادة لا غير والمراد التبرؤ منهم وفيه تفكيك الضمائر ومعنى قوله تعالى : وضل عنهمما كانوا يدعون من قبل على ما قيل : إن شركاءهم الذين كانوا يدعونهم من قبل ويرجون نفعهم غابوا عنهم على أن الضلال على معناه الحقيقي وهو الذي قابل الوجدان أو أن شركاءهم لم ينفعوهم بشيء على أن الضلال مجاز عن عدم النفع و ما اسم موصول عبارة عن الشركاء ويحسن جمع من يعقلو من لا يعقل في التعبير بما في مثل هذا المقام وجوز أن تكون ما عبارة عن القول الذي كانوا يقولونه في شأن الشركاء من أنهم آلهة وشركاء لله سبحانه وتعالى والمعنى نسو اما كانوا يقولونه في شأن شركائهم من نسبة الألوهية إليهم ولك أن تجعلها مصدرية والجملة يحتمل أن تكون حالا وإن تكون اعتراضا وذكر بعض الأجلة أنه يتعين الأخير على القول بأن ضمير قالوا للشركاء وكون الضلال مجازا عن عدم النفع فتدبر وظنوا أي أيقنوا كما قال السدي وغيره لأنه لا احتمال لغيره هنا والظن يكون بمعنى العلم كثيرا مالهم من محيص
48
- أي مهرب والظاهر أن الجملة في محل نصب سادة مسد مفعول يظنوه يمعلقة عنها النفي وقيل : تم الكلام عند قوله تعالى : وظنوا والظن

الصفحة 3