كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 25)

وقوله تعالى : سنريهم آياتنا في الآفاق الخ مرتبط على ما اختاره صاحب الكشاف بقوله تعالى : قل أرأيتم الخ وجه التتميم والأرشاد إلى ما ضمن من الحث على النظر ليؤدي المقصود فيهدوا إلى إعجازه ويؤمنو ابما جاء به ويعملوابمقتضاه ويفوزوا كل الفوز وفسر الآيات بما أجرى الله تعالى على يدي بيه صلى الله عليه و سلم وعلى أيدي خلفائه وأصحابهم رضي الله تعالى عنهم من الفتوحات الدالة على قوة الأسلام وأهله ووهن الباطل وحزبه والآفا قال نواحي الواحد وأفق بفتحتين أي سنيرهم آياتنا في النواحي عموما من مشارق الأرض ومغاربها وشمالها وجنوبها وفيه أن الأراءة كائنة لا محالة حق لا يحرم حولها ريبة وفي أنفسهم في بلاد العرب خصوصا وهو من عطف جبريل على ملائكته وفي العدول عنها إلى المنزل ما لا يخفى من تمكين ذلك النصر وتحقيق دلالته على حقيقة المطلوب إثباته وإظهار أن كونه آية بالنسبة إلى الأنفس وإن كان كونه فتحا بالنسبة إلى الأرض والبلدة حتى يتبين يظهر لهم أنه أي القرآن هو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا منخلفه فهوالحق كله من عند الله تعالىالمطلع على كل غيب وشهادة فلهذا نصر حاملوه وكانوا محقين وفي التعريف من الفخامة ما لا يخفى جلالة وقدرا وفيما ذكر إشارة إلى أنه تعالى لا يزال ينشيء فتحا بعد فتح وآية غبآية إلى أن يظهره على الدين كله ولو كره المشركون فانظر إلى هذه الآية الجامعة كيف دلت على حقيقةالقرآن على وجه تضمن حقيقة أهله ونصرتهم على المخالفين وأعظم بذلك تسليا عما أشعرت به الآية السابقة من أنهماكهم في الباطل إلى حد يقرب من اليأس وقيل : الضمير للرسول عليه الصلاة و السلام أو الدين أو التوحيد ولعل الأول أولى أو لم يكف بربك استئناف وارد لتوبيخهم على إنكارهم تحققا لإرادة
والهمزة للإنكار والواو على أحد الرأيين للعطف على مقدر دخلت عليه الهمزة يقتضيه المقام والباء مزيدة للتأكيد و ربك فاعل كفى وزيادة الباء في فاعلها هو القول المشهور المرضي للنحاة وت4زاد في فاعل فعل التعجب أيضا نحو أحسن بزيد فإن أحسن فعل ماض جيء به على صيغة الأمر والباء زائدة وزيد فاعل عند جماعة من النحويين ولا تكاد تزاد في غيرهما وقوله : ألم يأتيك والأنباء تنمي بمالاقت لبون بني زياد شاذ قبيح على ما قال الشهاب وقوله تعالى : أنه على كل شيء شهيد
53
- بدل من الفاعل بدل اشتمال وقيل : هو بتقدير حرف الجر أيأولم يكفهم ربك بأنه الخ ومال لنحويين في مثل هذا التركيب من الكلام شهير أي أنكروا إراءة ذلك الدالة على حقية القرآن ولم يكفهم دليلا أنه عز و جل مطلع على كل شيء عالم به ومن ذلك حالهم وحالك الموجبات حكمة نصرك عليهم وخذلانهم وكأن ذلك لظهوره نزل منزلة المعلوم لهم
وفي الكشف أي أو لم يكفهم أن ربك سبحانه مطلع على كل شيء يستوي عنده غيب الأشياء وشهادتها على معنى أو لم يكفهم هذه الإراءة دليلا قاطعا ولما كان ما وعده غيبا عنهم كيف وقد نزل وهم في حال ضعف وقلة يقاسون ما يقاسون من مشركي مكة قيل : أو لم يكفهم اطلاع من هذاالكتاب الحق من عنده على كل غيب وشهادة دليلاعلى كينونةالإراءة وإحضار ذلك الغيب عندهم إذ لا غيب بالنسبة إليه تعالى وفي العدول إلى هذه العبارة فائدتان أحدهما تحقيق إنجاز ذلك الموعود كأنه مشاهد بذكرالدليل القاطع على الوقوع والثانية الدلالة

الصفحة 6