كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 26)

فرس له عند رجل من الأنصار أن يأتي به ليقاتل عليه ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يبايع عند الشجرة وعمر لا يدري بذلك فيبايعه عبد الله ثم ذهب إلى الفرس فجاء به إلى عمر وعمر رضي الله تعالى عنه يستلئم للقتال فأخبره أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يبايع تحت الشجرة فانطلق فذهب معه حتى بايع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم
وصح أنه صلى الله عليه و سلم ضرب بيده اليمنى على يده الأخرى وقال : هذه بيعة عثمان ولما سمع المشركون بالبيعة خافوا وبعثوا عثمان رضي الله تعالى عنه وجماعة من المسلمين وكانت عدة المؤمنين ألفا وأربعمائة على الأصح عند أكثر المحدثين ورواه البخاري عن جابر وروي عن سعيد بن قتادة قال : قلت لسعيد بن المسيب بلغني أن جابر بن عبد الله كان يقول : كانوا أربع عشرة مائة فقال لي سعيد : حدثني جابر كانوا خمس عشرة مائة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه و سلم وتابعه أبو داود وروي أيضا عن عبد الله بن أوفى قال : كان أصحاب الشجرة ألفا وثلثمائة وعند أبي شيبة من حديث سلمة بن الأكوع أنهم كانوا ألفا وسبعمائة وجزم موسى بن عقبة بأنهم كانوا ألفا وستمائة وحكى ابن سعيد أنهم ألف وخمسمائة وعشرون وجمع بين الروايات بأنها بناء على عد الجميع أو ترك الأصاغر والأتباع والأوساط أو نحو ذلك وأما قول ابن إسحاق : إنهم كانوا سبعمائة فلم يوافقه أحد عليه لأنه قاله استنباطا من قول جابر : تنحر البدنة عن عشرة وكانوا نحروا سبعين بدنة وهذا لا يدل على أنهم ما كانوا نحروا غير البدن مع أن بعضهم كأبي قتادة لم يكن أحرم أصلا والشجرة كانت سمرة والمشهور أن الناس كانوا يأتونها فيصلون عندها فبلغ ذلك عمر رضي الله تعالى عنه فأمر بقطعها خشية الفتنة بها لقرب الجاهلية وعبادة غير الله تعالى فيهم
وفي الصحيحين من حديث طارق بن عبد الرحمن قال : انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون قلت : ما هذا المسجد قالوا : هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه و سلم بيعة الرضوان فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته فقال : حدثني أبي أنه كان ممن بايع رسول الله عليه الصلاة و السلام تحت الشجرة قال : فلما كان من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها ثم قال سعيد : إن أصحاب محمد صلى الله تعالى عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم فأيكم أعلم والرضا يقابل السخط وقد يستعمل بعن والباء ويعدى بنفسه وهو مع عن إنما يدخل على العين لا المعنى ولكن باعتبار صدور معنى منه يوجب الرضا وما في الآية من هذا القسم والمعنى الموجب للرضا فيها هو المبايعة وإذا ذكر مع العين بالياء فقيل رضيت عن زيد بإحسانه كانت الباء للسببية وجاز أن تكون صلة وتتعين للسببية مع مقابلة نحو سخطت عليه بإساءته وهو مع الباء نحو رضيت به يجب دخوله على المعنى إلا إذا دخل على الذات تمهيدا للمعنى ليكون أبلغ فتقول رضيت بقضاء الله تعالى ربا وقاضيا وإذا عدي بنفسه جاز دخوله على الذات نحو رضيت زيدا وإن كان باعتبار المعنى تنبيها على أن كله مرضي بتلك الخصلة وفيه مبالغة وجاز دخوله على المعنى إمارة فلان والأول أكثر استعمالا وإذا استعمل مع اللام تعدى بنفسه كقولك : رضيت لك التجارة وفيه تجوز إما لجعل الرضا مجازا عن الأستحماد وإما لأنك جعلت كونه مرضيا له بمنزلة كونه مرضيا لك مبالغة في أنه في نفسه مرضي محمود وأنك تختار له ما تختار لنفسك وهذا أبلغ ثم هو في حق الحق تعالى شأنه محال عن الخلف قالوا : لأنه سبحانه لا تحدث له صفة عقيب أمر البتة فهو عندهم مجازا إما من أسماء الصفات إذا فسر بإرادة أن يثيبهم إثابة من رضي عمن تحت يده وأمامن أسماء الأفعال إذا فسر بالأثابة وكذا إذا أريد الأستحماد وفي البحر أن العامل بإذ في الآية هو رضي وهو

الصفحة 107